القول في
تأويل قوله تعالى : ( قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا )
يقول تعالى ذكره : أنزل على عبده القرآن معتدلا مستقيما لا عوج فيه لينذركم أيها الناس بأسا من الله شديدا ، وعنى بالبأس العذاب العاجل ، والنكال الحاضر والسطوة ، وقوله : (
من لدنه ) يعني : من عند الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ، عن
محمد بن إسحاق (
لينذر بأسا شديدا ) عاجل عقوبة في الدنيا ، وعذابا في الآخرة . (
من لدنه ) : أي من عند ربك الذي بعثك رسولا .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، بنحوه .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
من لدنه ) : أي من عنده .
فإن قال قائل : فأين مفعول قوله ( لينذر ) فإن مفعوله محذوف اكتفى بدلالة ما ظهر من الكلام عليه من ذكره ، وهو مضمر متصل ب ينذر قبل البأس ، كأنه قيل : لينذركم بأسا ، كما قيل : (
يخوف أولياءه ) [ آل عمران : 175 ] إنما هو : يخوفكم أولياءه .
وقوله : (
ويبشر المؤمنين ) يقول : ويبشر المصدقين الله ورسوله (
الذين يعملون الصالحات ) وهو العمل بما أمر الله بالعمل به ، والانتهاء عما نهى الله عنه (
أن لهم أجرا حسنا ) يقول : ثوابا جزيلا لهم من الله على إيمانهم بالله ورسوله ، وعملهم في الدنيا الصالحات من الأعمال ، وذلك الثواب : هو الجنة
[ ص: 595 ] التي وعدها المتقون . وقوله : (
ماكثين فيه أبدا ) خالدين ، لا ينتقلون عنه ، ولا ينقلون ، ونصب ماكثين على الحال من قوله : (
أن لهم أجرا حسنا ) في هذه الحال في حال مكثهم في ذلك الأجر .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق (
ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا ) : أي في دار خلد لا يموتون فيها ، الذين صدقوك بما جئت به عن الله ، وعملوا بما أمرتهم .