القول في
تأويل قوله تعالى : ( وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا ( 21 ) )
يقول تعالى ذكره : وكما بعثناهم بعد طول رقدتهم كهيئتهم ساعة رقدوا ،
[ ص: 640 ] ليتساءلوا بينهم ، فيزدادوا بعظيم سلطان الله بصيرة ، وبحسن دفاع الله عن أوليائه معرفة (
وكذلك أعثرنا عليهم ) يقول : كذلك أطلعنا عليهم الفريق الآخر الذين كانوا في شك من قدرة الله على إحياء الموتى ، وفي مرية من إنشاء أجسام خلقه ، كهيئتهم يوم قبضهم بعد البلى ، فيعلموا أن وعد الله حق ، ويوقنوا أن الساعة آتية لا ريب فيها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
وكذلك أعثرنا عليهم ) يقول : أطلعنا عليهم ليعلم من كذب بهذا الحديث ، أن وعد الله حق ، وأن الساعة لا ريب فيها .
وقوله : (
إذ يتنازعون بينهم أمرهم )
يعني : الذين أعثروا على الفتية يقول تعالى : وكذلك أعثرنا هؤلاء المختلفين في قيام الساعة ، وإحياء الله الموتى بعد مماتهم من قوم
تيذوسيس ، حين يتنازعون بينهم أمرهم فيما الله فاعل بمن أفناه من عباده ، فأبلاه في قبره بعد مماته ، أمنشئهم هو أم غير منشئهم ، وقوله (
فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ) يقول : فقال الذين أعثرناهم على
أصحاب الكهف : ابنوا عليهم بنيانا (
ربهم أعلم بهم ) يقول : رب الفتية أعلم بالفتية وشأنهم ، وقوله : (
قال الذين غلبوا على أمرهم ) يقول جل ثناؤه : قال القوم الذين غلبوا على أمر أصحاب الكهف (
لنتخذن عليهم مسجدا ) .
وقد اختلف في قائلي هذه المقالة ، أهم الرهط المسلمون ، أم هم الكفار؟ وقد ذكرنا بعض ذلك فيما مضى ، وسنذكر إن شاء الله ما لم يمض منه .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا ) قال : يعني عدوهم .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
عبد العزيز بن أبي رواد ، عن
عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال : عمى الله على الذين أعثرهم على أصحاب الكهف مكانهم ، فلم يهتدوا ، فقال المشركون : نبني عليهم بنيانا ، فإنهم أبناء آبائنا ، ونعبد الله فيها ، وقال المسلمون : بل نحن أحق بهم ، هم منا ، نبني عليهم مسجدا نصلي فيه ، ونعبد الله فيه .