القول في
تأويل قوله تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ( 30 ) )
يقول تعالى ذكره : إن الذين صدقوا الله ورسوله ، وعملوا بطاعة الله ، وانتهوا إلى أمره ونهيه ، إنا لا نضيع ثواب من أحسن عملا فأطاع الله ، واتبع أمره ونهيه ، بل نجازيه بطاعته وعمله الحسن جنات عدن تجري من تحتها الأنهار .
فإن قال قائل : وأين خبر "إن" الأولى؟ قيل : جائز أن يكون خبرها قوله : (
إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ) فيكون معنى الكلام :
إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا ، فترك الكلام الأول ، واعتمد على الثاني بنية التكرير ، كما قيل : (
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ) بمعنى : عن قتال فيه على التكرير ، وكما قال الشاعر :
إن الخليفة إن الله سربله سربال ملك به ترجى الخواتيم
ويروى : ترخى ، وجائز أن يكون : ( إن الذين آمنوا ) جزاء ، فيكون معنى الكلام : إن من عمل صالحا فإنا لا نضيع أجره ، فتضمر الفاء في قوله "إنا" ، وجائز أن يكون خبرها : أولئك لهم جنات عدن ، فيكون معنى الكلام : إن
[ ص: 17 ] الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، أولئك لهم جنات عدن .