القول في
تأويل قوله تعالى : ( ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا ( 51 ) )
يقول عز ذكره : ما أشهدت إبليس وذريته ( خلق السماوات والأرض ) يقول : ما أحضرتهم ذلك فأستعين بهم على خلقها (
ولا خلق أنفسهم ) يقول :
[ ص: 45 ] ولا أشهدت بعضهم أيضا خلق بعض منهم ، فأستعين به على خلقه ، بل تفردت بخلق جميع ذلك بغير معين ولا ظهير ، يقول : فكيف اتخذوا عدوهم أولياء من دوني ، وهم خلق من خلق أمثالهم ، وتركوا عبادتي وأنا المنعم عليهم وعلى أسلافهم ، وخالقهم وخالق من يوالونه من دوني منفردا بذلك من غير معين ولا ظهير .
وقوله : (
وما كنت متخذ المضلين عضدا ) يقول : وما كنت متخذ من لا يهدي إلى الحق ، ولكنه يضل ، فمن تبعه يجور به عن قصد السبيل أعوانا وأنصارا ، وهو من قولهم : فلان يعضد فلانا إذا كان يقويه ويعينه .
وبنحو ذلك قال بعض أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
وما كنت متخذ المضلين عضدا ) : أي أعوانا .
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، مثله ، وإنما يعني بذلك أن إبليس وذريته يضلون بني
آدم عن الحق ، ولا يهدونهم للرشد ، وقد يحتمل أن يكون عنى بالمضلين الذين هم أتباع على الضلالة ، وأصحاب على غير هدى .