القول في
تأويل قوله تعالى : ( أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ( 79 ) )
يقول : أما فعلي ما فعلت بالسفينة ، فلأنها كانت لقوم مساكين
[ ص: 83 ] (
يعملون في البحر فأردت أن أعيبها ) بالخرق الذي خرقتها .
كما حدثني
ابن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله عز وجل : (
فأردت أن أعيبها ) قال : أخرقها .
حدثنا
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، مثله .
وقوله : (
وكان وراءهم ملك ) وكان أمامهم وقدامهم ملك .
كما حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة : (
وكان وراءهم ملك ) قال
قتادة : أمامهم ، ألا ترى أنه يقول : (
من ورائهم جهنم ) وهي بين أيديهم .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قال : كان في القراءة : وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صحيحة غصبا . وقد ذكر عن
ابن عيينة ، عن
عمرو ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس أنه قرأ ذلك : وكان أمامهم ملك .
قال
أبو جعفر : وقد جعل بعض أهل المعرفة بكلام العرب "وراء" من حروف الأضداد ، وزعم أنه يكون لما هو أمامه ولما خلفه ، واستشهد لصحة ذلك بقول الشاعر :
أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والفلاة ورائيا
بمعنى أمامي . وقد أغفل وجه الصواب في ذلك . وإنما قيل لما بين يديه : هو ورائي ، لأنك من ورائه ، فأنت ملاقيه كما هو ملاقيك ، فصار : إذ كان
[ ص: 84 ] ملاقيك ، كأنه من ورائك وأنت أمامه . وكان بعض أهل العربية من أهل
الكوفة لا يجيز أن يقال لرجل بين يديك : هو ورائي ، ولا إذا كان وراءك أن يقال : هو أمامي ، ويقول : إنما يجوز ذلك في المواقيت من الأيام والأزمنة كقول القائل : وراءك برد شديد ، وبين يديك حر شديد ، لأنك أنت وراءه ، فجاز لأنه شيء يأتي ، فكأنه إذا لحقك صار من ورائك ، وكأنك إذا بلغته صار بين يديك . قال : فلذلك جاز الوجهان .
وقوله : (
يأخذ كل سفينة غصبا ) فيقول القائل : فما أغنى خرق هذا العالم السفينة التي ركبها عن أهلها ، إذ كان من أجل خرقها يأخذ السفن كلها ، معيبها وغير معيبها ، وما كان وجه اعتلاله في خرقها بأنه خرقها ، لأن وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا؟ قيل : إن معنى ذلك ، أنه يأخذ كل سفينة صحيحة غصبا ، ويدع منها كل معيبة ، لا أنه كان يأخذ صحاحها وغير صحاحها . فإن قال : وما الدليل على أن ذلك كذلك؟ قيل : قوله : (
فأردت أن أعيبها ) فأبان بذلك أنه إنما عابها ، لأن المعيبة منها لا يعرض لها ، فاكتفى بذلك من أن يقال : وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صحيحة غصبا ، على أن ذلك في بعض القراءات كذلك .
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، قال : هي في حرف
ابن مسعود : " وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا "
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، قال : ثني
الحسن بن دينار ، عن
الحكم بن عيينة ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال : في قراءة
أبي : "وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا " وإنما عبتها لأرده عنها .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج (
وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ) فإذا خلفوه أصلحوها بزفت فاستمتعوا بها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرني
وهب بن سليمان ، عن
شعيب الجبئي ، أن اسم الرجل الذي كان يأخذ كل سفينة غصبا : هدد بن بدد .