القول في
تأويل قوله تعالى : ( وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا ( 88 ) )
يقول : وأما من صدق الله منهم ووحده ، وعمل بطاعته ، فله عند الله الحسنى ، وهي الجنة ، جزاء يعني ثوابا على إيمانه ، وطاعته ربه .
وقد اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء أهل
المدينة وبعض أهل
البصرة والكوفة (
فله جزاء الحسنى ) برفع الجزاء وإضافته إلى الحسنى .
وإذا قرئ ذلك كذلك ، فله وجهان من التأويل :
أحدهما : أن يجعل الحسنى مرادا بها إيمانه وأعماله الصالحة ، فيكون معنى الكلام إذا أريد بها ذلك : وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاؤها ، يعني جزاء هذه الأفعال الحسنة .
والوجه الثاني : أن يكون معنيا بالحسنى : الجنة ، وأضيف الجزاء إليها ، كما قيل (
ولدار الآخرة خير ) والدار : هي الآخرة ، وكما قال : (
و ذلك دين القيمة ) والدين : هو القيم .
وقرأ آخرون : (
فله جزاء الحسنى ) بمعنى : فله الجنة جزاء فيكون الجزاء
[ ص: 99 ] منصوبا على المصدر . بمعنى : يجازيهم جزاء الجنة .
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندي قراءة من قرأه : (
فله جزاء الحسنى ) بنصب الجزاء وتنوينه على المعنى الذي وصفت ، من أن لهم الجنة جزاء . فيكون الجزاء نصبا على التفسير .
وقوله : (
وسنقول له من أمرنا يسرا ) يقول : وسنعلمه نحن في الدنيا ما تيسر لنا تعليمه ما يقربه إلى الله ويلين له من القول . وكان
مجاهد يقول نحوا مما قلنا في ذلك .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى "ح" ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله (
من أمرنا يسرا ) قال معروفا .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .