القول في
تأويل قوله تعالى : ( آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا ( 96 )
فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا ( 97 ) )
[ ص: 114 ]
يقول عز ذكره : قال ذو القرنين للذين سألوه أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدا ( آتوني ) أي جيئوني بزبر الحديد ، وهي جمع زبرة ، والزبرة : القطعة من الحديد .
كما حدثني
علي ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : (
زبر الحديد ) يقول : قطع الحديد .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
آتوني زبر الحديد ) قال : قطع الحديد .
حدثني
إسماعيل بن سيف ، قال : ثنا
علي بن مسهر ، عن
إسماعيل ، عن
أبي صالح ، قوله : (
زبر الحديد ) قال : قطع الحديد .
حدثني
محمد بن عمارة الأسدي ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا
إسرائيل ، عن
أبي يحيى عن
مجاهد ، قوله (
آتوني زبر الحديد ) قال : قطع الحديد .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
آتوني زبر الحديد ) أي فلق الحديد .
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : (
آتوني زبر الحديد ) قال : قطع الحديد .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : قال
ابن عباس : (
آتوني زبر الحديد ) قال : قطع الحديد .
وقوله (
حتى إذا ساوى بين الصدفين ) يقول عز ذكره : فآتوه زبر الحديد ، فجعلها بين الصدفين حتى إذا ساوى بين الجبلين بما جعل بينهما من زبر الحديد ، ويقال : سوى .
والصدفان : ما بين ناحيتي الجبلين ورءوسهما ، ومنه قول الراجز :
قد أخذت ما بين عرض الصدفين ناحيتيها وأعالي الركنين
[ ص: 115 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله (
بين الصدفين ) يقول : بين الجبلين .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : (
حتى إذا بلغ بين السدين ) قال : هو سد كان بين صدفين ، والصدفان : الجبلان .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى "ح" ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : ( الصدفين ) رءوس الجبلين .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثت عن
الحسين بن الفرج ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
بين الصدفين ) يعني الجبلين ، وهما من قبل أرمينية وأذربيجان .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
حتى إذا ساوى بين الصدفين ) وهما الجبلان .
حدثني
أحمد بن يوسف ، قال : أخبرنا
القاسم ، قال : ثنا
هشيم ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم أنه قرأها (
بين الصدفين ) منصوبة الصاد والدال ، وقال : بين الجبلين ، وللعرب في الصدفين : لغات ثلاث ، وقد قرأ بكل واحدة منها
[ ص: 116 ] جماعة من القراء :
الفتح في الصاد والدال ، وذلك قراءة عامة قراء أهل
المدينة والكوفة ، والضم فيهما ، وهي قراءة أهل
البصرة ، والضم في الصاد وتسكين الدال ، وذلك قراءة بعض أهل
مكة والكوفة ، والفتح في الصاد والدال أشهر هذه اللغات ، والقراءة بها أعجب إلي ، وإن كنت مستجيزا القراءة بجميعها ، لاتفاق معانيها . وإنما اخترت الفتح فيهما لما ذكرت من العلة .
وقوله (
قال انفخوا ) يقول عز ذكره ، قال للفعلة : انفخوا النار على هذه الزبر من الحديد .
وقوله : (
حتى إذا جعله نارا ) وفي الكلام متروك ، وهو فنفخوا ، حتى إذا جعل ما بين الصدفين من الحديد نارا (
قال آتوني أفرغ عليه قطرا ) فاختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء
المدينة والبصرة ، وبعض أهل
الكوفة (
قال آتوني ) بمد الألف من ( آتوني ) بمعنى : أعطوني قطرا أفرغ عليه . وقرأه بعض قراء
الكوفة ، قال ( ائتوني ) بوصل الألف ، بمعنى : جيئوني قطرا أفرغ عليه ، كما يقال : أخذت الخطام ، وأخذت بالخطام ، وجئتك زيدا ، وجئتك بزيد . وقد يتوجه معنى ذلك إذا قرئ كذلك إلى معنى أعطوني ، فيكون كأن قارئه أراد مد الألف من آتوني ، فترك الهمزة الأولى من آتوني ، وإذا سقطت الأولى همز الثانية .
وقوله : (
أفرغ عليه قطرا ) يقول : أصب عليه قطرا ، والقطر : النحاس .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
أفرغ عليه قطرا ) قال : القطر : النحاس .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
القاسم قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد مثله .
[ ص: 117 ]
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
أفرغ عليه قطرا ) يعني النحاس .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
أفرغ عليه قطرا ) أي النحاس ليلزمه به .
حدثنا
الحسن ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، في قوله (
أفرغ عليه قطرا ) قال : نحاسا .
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل
البصرة يقول : القطر : الحديد المذاب ، ويستشهد لقوله ذلك بقول الشاعر :
حساما كلون الملح صاف حديده جزارا من أقطار الحديد المنعت
وقوله : (
فما اسطاعوا أن يظهروه ) يقول عز ذكره :
فما اسطاع يأجوج ومأجوج أن يعلوا الردم الذي جعله ذو القرنين حاجزا بينهم ، وبين من دونهم من الناس ، فيصيروا فوقه وينزلوا منه إلى الناس .
يقال منه : ظهر فلان فوق البيت : إذا علاه ، ومنه قول الناس : ظهر فلان على فلان : إذا قهره وعلاه (
وما استطاعوا له نقبا ) يقول : ولم يستطيعوا أن ينقبوه من أسفله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
فما اسطاعوا أن يظهروه ) من قوله (
وما استطاعوا له نقبا ) أي من أسفله .
حدثنا
الحسن ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، في قوله (
فما اسطاعوا أن يظهروه ) قال : ما استطاعوا أن ينزعوه .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
أبو سفيان ، عن
معمر ، [ ص: 118 ] عن
قتادة (
فما اسطاعوا أن يظهروه ) قال : أن يرتقوه (
وما استطاعوا له نقبا )
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنى
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، (
فما استطاعوا أن يظهروه ) قال : أن يرتقوه (
وما استطاعوا له نقبا )
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج (
فما اسطاعوا أن يظهروه ) قال : يعلوه (
وما استطاعوا له نقبا ) أي ينقبوه من أسفله .
واختلف أهل العربية في وجه حذف التاء من قوله : (
فما اسطاعوا ) فقال بعض نحويي البصرة : فعل ذلك لأن لغة العرب أن تقول : اسطاع يسطيع ، يريدون بها : استطاع يستطيع ، ولكن حذفوا التاء إذا جمعت مع الطاء ومخرجهما واحد . قال : وقال بعضهم : استاع ، فحذف الطاء لذلك . وقال بعضهم : أسطاع يسطيع ، فجعلها من القطع كأنها أطاع يطيع ، فجعل السين عوضا من إسكان الواو . وقال بعض نحويي
الكوفة : هذا حرف استعمل فكثر حتى حذف .