صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا ( 47 ) وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ( 48 ) )

يقول تعالى ذكره : قال إبراهيم لأبيه حين توعده على نصيحته إياه ودعائه إلى الله بالقول السيئ والعقوبة : سلام عليك يا أبت ، يقول : أمنة مني لك أن أعاودك فيما كرهت ، ولدعائك إلي ما توعدتني عليه بالعقوبة ، ولكني ( سأستغفر لك ربي ) يقول : ولكني سأسأل ربي أن يستر عليك ذنوبك بعفوه إياك عن عقوبتك عليها ( إنه كان بي حفيا ) يقول : إن ربي عهدته بي لطيفا يجيب دعائي إذا دعوته ، يقال منه : تحفى بي فلان . وقد بينت ذلك بشواهده فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته هاهنا .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( إنه كان بي حفيا ) يقول : لطيفا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( إنه كان بي حفيا ) قال : إنه كان بي لطيفا ، فإن الحفي : اللطيف . [ ص: 208 ]

وقوله ( وأعتزلكم وما تدعون من دون الله ) يقول : وأجتنبكم وما تدعون من دون الله من الأوثان والأصنام ( وأدعو ربي ) يقول : وأدعو ربي ، بإخلاص العبادة له ، وإفراده بالربوبية ( عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ) يقول : عسى أن لا أشقى بدعاء ربي ، ولكن يجيب دعائي ، ويعطيني ما أسأله .

التالي السابق


الخدمات العلمية