القول في تأويل
قوله تعالى : ( وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا ( 74 ) )
يقول تعالى ذكره : وكم أهلكنا يا
محمد قبل هؤلاء القائلين من أهل الكفر للمومنين ، إذا تتلى عليهم آيات الرحمن ، أي الفريقين خير مقاما ، وأحسن نديا ، مجالس من قرن هم أكثر متاع منازل من هؤلاء ، وأحسن منهم منظرا وأجمل صورا ، فأهلكنا أموالهم ، وغيرنا صورهم; ومن ذلك قول
علقمة بن عبدة :
كميت كلون الأرجوان نشرته لبيع الرئي في الصوان المكعب
[ ص: 241 ]
يعني بالصوان : التخت الذي تصان فيه الثياب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
سفيان ، عن
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12062أبي ظبيان ، عن
ابن عباس (
أحسن أثاثا ورئيا ) قال : الرئي : المنظر ، والأثاث : المتاع .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
ابن أبي عدي عن
شعبة عن
سليمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12062أبي ظبيان عن
ابن عباس قال : الرئي المنظر .
حدثني
علي ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي عن
ابن عباس ، قوله (
أحسن أثاثا ورئيا ) يقول : منظرا .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
أحسن أثاثا ورئيا ) الأثاث : المال ، والرئي : المنظر .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
هوذة ، قال : ثنا
عوف ، عن
الحسن ، في قوله (
أثاثا ورئيا ) قال : الأثاث : أحسن المتاع ، والرئي : قال : المال .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، يقول الله تبارك وتعالى (
وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا ) : أي أكثر متاعا وأحسن منزلة ومستقرا ، فأهلك الله أموالهم ، وأفسد صورهم عليهم تبارك وتعالى .
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، قوله (
أحسن أثاثا ورئيا ) قال : أحسن صورا ، وأكثر أموالا .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى; وحدثني
[ ص: 242 ] الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ( أثاثا ) قال : المتاع ( ورئيا ) قال : فيما يرى الناس .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، بنحوه .
حدثنا
ابن حميد وبشر بن معاذ ، قالا ثنا
جرير بن قابوس ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : الأثاث : المال ، والرئي : المنظر الحسن .
حدثنا
القاسم ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني ، عن
ابن عباس ( ورئيا ) : منظرا في اللون والحسن .
حدثنا
القاسم ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني ، عن
ابن عباس ( ورئيا ) منظرا في اللون والحسن .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
أحسن أثاثا ورئيا ) قال : الرئي : المنظر ، والأثاث : المتاع ، أحسن متاعا ، وأحسن منظرا .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول في قوله : (
أحسن أثاثا ) يعني : المال ( ورئيا ) يعني : المنظر الحسن .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء أهل
المدينة : "وريا" غير مهموز ، وذلك إذا قرئ كذلك يتوجه لوجهين : أحدهما : أن يكون قارئه أراد الهمزة ، فأبدل منها ياء ، فاجتمعت الياء المبدلة من الهمز والياء التي هي لام الفعل ، فأدغمتا ، فجعلتا ياء واحدة مشددة ليلحقوا ذلك ، إذ كان رأس آية ، بنظائره من سائر رءوس الآيات قبله وبعده; والآخر أن يكون من رويت أروي روية وريا ، وإذا أريد به ذلك كان معنى الكلام : وكم أهلكنا قبلهم من قرن ، هم أحسن متاعا ، وأحسن نظرا لماله ، ومعرفة لتدبيره ، وذلك أن العرب تقول : ما أحسن رؤية فلان في هذا الأمر إذا كان حسن النظر فيه والمعرفة به . وقرأ ذلك عامة قراء
العراق والكوفة والبصرة ( ورئيا ) بهمزها ، بمعنى رؤية العين ، كأنه أراد : أحسن متاعا ومرآة . وحكي عن بعضهم أنه قرأ : أحسن أثاثا وزيا ، بالزاي ، كأنه أراد أحسن متاعا وهيئة ومنظرا ، وذلك أن الزي هو الهيئة والمنظر من قولهم : زييت الجارية ، بمعنى : زينتها وهيأتها .
[ ص: 243 ]
قال
أبو جعفر : وأولى القراءات في ذلك بالصواب ، قراءة من قرأ (
أثاثا ورئيا ) بالراء والهمز ، لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن معناه : المنظر ، وذلك هو من رؤية العين ، لا من الرؤية ، فلذلك كان المهموز أولى به ، فإن قرأ قارئ ذلك بترك للهمز ، وهو يريد هذا المعنى ، فغير مخطئ في قراءته . وأما قراءته بالزاي فقراءة خارجة ، عن قراءة القراء ، فلا أستجيز القراءة بها لخلافها قراءتهم ، وإن كان لهم في التأويل وجه صحيح .
واختلف أهل العربية في الأثاث أجمع هو أم واحد ، فكان الأحمر فيما ذكر لي عنه يقول : هو جمع ، واحدتها أثاثة ، كما الحمام جمع واحدتها حمامة ، والسحاب جمع واحدتها سحابة ، وأما الفراء فإنه كان يقول : لا واحد له ، كما أن المتاع لا واحد له . قال : والعرب تجمع المتاع : أمتعة ، وأماتيع ، ومتع . قال : ولو جمعت الأثاث لقلت : ثلاثة آثة وأثث . وأما الرئي فإن جمعه : آراء .