القول في
تأويل قوله تعالى : ( وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ( 98 ) )
يقول تعالى ذكره : وكثيرا أهلكنا يا
محمد قبل قومك من مشركي
قريش ، من قرن ، يعني من جماعة من الناس ، إذا سلكوا في خلافي وركوب معاصي مسلكهم ، هل تحس منهم من أحد : يقول : فهل تحس أنت منهم أحدا يا
محمد فتراه وتعاينه (
أو تسمع لهم ركزا ) يقول :
أو تسمع لهم صوتا ، بل بادوا وهلكوا ، وخلت منهم دورهم ، وأوحشت منهم منازلهم ، وصاروا إلى دار لا ينفعهم فيها إلا صالح من عمل قدموه ، فكذلك قومك هؤلاء ، صائرون إلى ما صار إليه أولئك ، إن لم يعالجوا التوبة قبل الهلاك .
[ ص: 265 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثنا
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله (
أو تسمع لهم ركزا ) قال : صوتا .
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، قوله (
هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) قال : هل ترى عينا ، أو تسمع صوتا .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) يقول : هل تسمع من صوت ، أو ترى من عين .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ ، يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول ، في قوله (
أو تسمع لهم ركزا ) يعني : صوتا .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
ابن عيينة ، عن
عمرو ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس ، قال : ركز الناس : أصواتهم . قال
أبو كريب : قال
سفيان : (
هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) قال : أو تسمع لهم حسا . قال : والركز : الحس .
قال
أبو جعفر : والركز في كلام العرب : الصوت الخفي ، كما قال الشاعر :
فتوجست ذكر الأنيس فراعها عن ظهر غيب والأنيس سقامها
آخر تفسير سورة مريم ، والحمد لله رب العالمين