القول في
تأويل قوله تعالى : ( قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى ( 61 ) )
يقول تعالى ذكره : قال موسى للسحرة لما جاء بهم
فرعون (
ويلكم لا تفتروا على الله كذبا ) يقول : لا تختلقوا على الله كذبا ، ولا تتقولوه (
فيسحتكم بعذاب ) فيستأصلكم بهلاك فيبيدكم . وللعرب فيه لغتان : سحت ، وأسحت ، وسحت أكثر من أسحت ، يقال منه : سحت الدهر ، وأسحت مال فلان : إذا أهلكه فهو يسحته سحتا ، وأسحته يسحته إسحاتا ، ومن الإسحات قول
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق :
وعض زمان يا ابن مروان لم يدع من المال إلا مسحتا أو مجلف
ويروى : إلا مسحتا أو مجلف .
[ ص: 326 ] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
فيسحتكم بعذاب ) يقول : فيهلككم .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد عن
قتادة (
فيسحتكم بعذاب ) يقول : يستأصلكم بعذاب .
حدثنا
الحسن قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر عن
قتادة في قوله (
فيسحتكم بعذاب ) قال : فيستأصلكم بعذاب فيهلككم .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله (
فيسحتكم بعذاب ) قال : يهلككم هلاكا ليس فيه بقية ، قال : والذي يسحت ليس فيه بقية .
حدثنا
موسى قال : ثنا
عمرو قال : ثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
فيسحتكم بعذاب ) يقول : يهلككم بعذاب .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء
أهل المدينة والبصرة وبعض
أهل الكوفة " فيسحتكم " بفتح الياء من سحت يسحت . وقرأته عامة قراء
الكوفة ( فيسحتكم ) بضم الياء من أسحت يسحت .
قال
أبو جعفر : والقول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان ، ولغتان معروفتان بمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، غير أن الفتح فيها أعجب إلي لأنها لغة أهل العالية ، وهي أفصح والأخرى وهي الضم في نجد .
وقوله (
وقد خاب من افترى ) يقول : لم يظفر من يخلق كذبا ، ويقول بكذبه ذلك بحاجته التي طلبها به ، ورجا إدراكها به .