القول في
تأويل قوله تعالى : ( يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا ( 109 )
يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما ( 110 ) )
يقول تعالى ذكره (
يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا ) شفاعة (
من أذن له الرحمن ) أن يشفع (
ورضي له قولا ) وأدخل في الكلام له دليلا على إضافة
[ ص: 376 ] القول إلى كناية " من " وذلك كقول القائل الآخر : رضيت لك عملك ، ورضيته منك ، وموضع " من " من قوله (
إلا من أذن له ) نصب لأنه خلاف الشفاعة .
وقوله (
يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) يقول تعالى ذكره : يعلم ربك يا
محمد ما بين أيدي هؤلاء الذين يتبعون الداعي من أمر القيامة ، وما الذي يصيرون إليه من الثواب والعقاب ( وما خلفهم ) يقول : ويعلم أمر ما خلفوه وراءهم من أمر الدنيا . كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد عن
قتادة (
يعلم ما بين أيديهم ) من أمر الساعة ( وما خلفهم ) من أمر الدنيا .
وقوله (
ولا يحيطون به علما ) يقول تعالى ذكره : ولا يحيط خلقه به علما . ومعنى الكلام : أنه محيط بعباده علما ، ولا يحيط عباده به علما ، وقد زعم بعضهم أن معنى ذلك أن الله يعلم ما بين أيدي ملائكته وما خلفهم ، وأن ملائكته لا يحيطون علما بما بين أيدي أنفسهم وما خلفهم ، وقال : إنما أعلم بذلك الذين كانوا يعبدون الملائكة ، أن الملائكة كذلك لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها ، موبخهم بذلك ومقرعهم بأن من كان كذلك ، فكيف يعبد ، وأن العبادة إنما تصلح لمن لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء .