القول في
تأويل قوله تعالى : ( وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ( 111 ) )
يقول تعالى ذكره : استرت وجوه الخلق ، واستسلمت للحي القيوم الذي لا يموت ، القيوم على خلقه بتدبيره إياهم وتصريفهم لما شاءوا ، وأصل العنو الذل ، يقال منه : عنا وجهه لربه يعنو عنوا ، يعني خضع له وذل ، وكذلك قيل للأسير : عان لذلة الأسر ، فأما قولهم : أخذت الشيء عنوة ، فإنه يكون وإن كان معناه يئول إلى هذا أن يكون أخذه غلبة ، ويكون أخذه عن تسليم وطاعة ، كما قال الشاعر :
[ ص: 377 ] هل أنت مطيعي أيها القلب عنوة ولم تلح نفس لم تلم في اختيالها
وقال آخر :
هل أخذوها عنوة عن مودة ولكن بحد المشرفي استقالها
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية عن
علي عن
ابن عباس قوله (
وعنت الوجوه للحي القيوم ) يقول : ذلت .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمى ، قال : ثنى أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله (
وعنت الوجوه للحي القيوم ) يعني ب " عنت " : استسلموا لي .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد قوله (
وعنت الوجوه ) قال : خشعت .
حدثنا
القاسم قال : ثنا
الحسين قال : ثني
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
مجاهد مثله .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد [ ص: 378 ] عن
قتادة قوله (
وعنت الوجوه للحي القيوم ) أي ذلت الوجوه للحي القيوم .
حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر عن
قتادة في قوله (
وعنت الوجوه للحي القيوم ) قال : ذلت الوجوه .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
المعتمر بن سليمان عن أبيه ، قال : قال
طلق : إذا سجد الرجل فقد عنا وجهه ، أو قال : عنا .
حدثني
أبو حصن عبد الله بن أحمد قال : ثنا
عبثر قال : ثنا
حصين عن
عمرو بن مرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16259طلق بن حبيب في هذه الآية (
وعنت الوجوه للحي القيوم ) قال : هو وضع الرجل رأسه ويديه وأطراف قدميه .
حدثني
أبو السائب قال : ثنا
ابن فضيل عن
ليث عن
عمرو بن مرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16259طلق بن حبيب في قوله (
وعنت الوجوه للحي القيوم ) قال : وهو وضعك جبهتك وكفيك وركبتيك وأطراف قدميك في السجود .
حدثنا
خلاد بن أسلم قال ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل عن
حصين عن
عمرو بن مرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16259طلق بن حبيب في قوله (
وعنت الوجوه للحي القيوم ) قال : وضع الجبهة والأنف على الأرض .
حدثني
يعقوب : قال : ثنا
هشيم قال : أخبرنا
حصين عن
عمرو بن مرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16259طلق بن حبيب في قوله (
وعنت الوجوه للحي القيوم ) قال : هو السجود على الجبهة والراحة والركبتين والقدمين .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله (
وعنت الوجوه للحي القيوم ) قال : أستأسرت الوجوه للحي القيوم ، صاروا أسارى كلهم له ، قال : والعاني : الأسير ، وقد بينا معنى الحي القيوم فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته هاهنا .
وقوله (
وقد خاب من حمل ظلما ) يقول تعالى ذكره : ولم يظفر بحاجته وطلبته من حمل إلى موقف القيادة شركا بالله وكفرا به وعملا بمعصيته .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر عن
قتادة في قوله (
وقد خاب من حمل ظلما ) قال : من حمل شركا .
[ ص: 379 ] حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله (
وقد خاب من حمل ظلما ) قال : من حمل شركا . الظلم هاهنا : الشرك .