[ ص: 403 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ( 131 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : ولا تنظر إلى ما جعلنا لضرباء هؤلاء المعرضين عن آيات ربهم وأشكالهم متعة في حياتهم الدنيا يتمتعون بها ، من زهرة عاجل الدنيا ونضرتها (
لنفتنهم فيه ) يقول : لنختبرهم فيما متعناهم به من ذلك ، ونبتليهم ، فإن ذلك فان زائل ، وغرور وخدع تضمحل (
ورزق ربك ) الذي وعدك أن يرزقكه في الآخرة حتى ترضى ، وهو ثوابه إياه ( خير ) لك مما متعناهم به من زهرة الحياة الدنيا ( وأبقى ) يقول : وأدوم ، لأنه لا انقطاع له ولا نفاد ، وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502051أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى يهودي يستسلف منه طعاما ، فأبى أن يسلفه إلا برهن .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن وكيع قال : ثنا أبي ، عن
موسى بن عبيدة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17368يزيد بن عبد الله بن قسيط nindex.php?page=hadith&LINKID=3502052عن أبي رافع قال : أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يهودي يستسلفه ، فأبى أن يعطيه إلا برهن ، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ) .
حدثنا
القاسم قال : ثنا
الحسين قال : ثنا
محمد بن كثير عن
عبد الله بن واقد عن
يعقوب بن يزيد nindex.php?page=hadith&LINKID=3502053عن أبي رافع قال : نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف ، فأرسلني إلى يهودي بالمدينة يستسلفه ، فأتيته ، فقال : لا أسلفه إلا برهن ، فأخبرته بذلك ، فقال : إني لأمين في أهل السماء وفي أهل الأرض ، فاحمل درعي إليه ، فنزلت ( ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ) وقوله (
ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ) إلى قوله (
والعاقبة للتقوى ) ويعني بقوله : (
أزواجا منهم ) رجالا منهم
[ ص: 404 ] أشكالا ، وبزهرة الحياة الدنيا زينة الحياة الدنيا .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد عن
قتادة قوله (
زهرة الحياة الدنيا ) : أي زينة الحياة الدنيا ، ونصب زهرة الحياة الدنيا على الخروج من الهاء التي في قوله به من ( متعنا به ) ، كما يقال : مررت به الشريف الكريم ، فنصب الشريف الكريم على فعل مررت ، وكذلك قوله (
إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ) تنصب على الفعل بمعنى : متعناهم به زهرة في الحياة الدنيا وزينة لهم فيها ، وذكر الفراء أن بعض
بني فقعس أنشده :
أبعد الذي بالسفح سفح كواكب رهينة رمس من تراب وجندل
فنصب رهينة على الفعل من قوله : " أبعد الذي بالسفح " ، وهذا لا شك أنه أضعف في العمل نصبا من قوله (
متعنا به أزواجا منهم ) لأن العامل في الاسم وهو رهينة حرف خافض لا ناصب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 405 ] ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد عن
قتادة قوله : (
لنفتنهم فيه ) قال : لنبتليهم فيه (
ورزق ربك خير وأبقى ) مما متعنا به هؤلاء من هذه الدنيا .