[ ص: 449 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : (
وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) ، وما المتعلمون من الملكين
هاروت وماروت ما يفرقون به بين المرء وزوجه ، بضارين - بالذي تعلموه منهما ، من المعنى الذي يفرقون به بين المرء وزوجه - من أحد من الناس إلا من قد قضى الله عليه أن ذلك يضره . فأما من دفع الله عنه ضره ، وحفظه من مكروه السحر والنفث والرقى ، فإن ذلك غير ضاره ، ولا نائله أذاه .
ول "الإذن" في كلام العرب أوجه ، منها : الأمر على غير وجه الإلزام ، وغير جائز أن يكون منه قوله : (
وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) ؛ لأن الله - جل ثناؤه - قد حرم التفريق بين المرء وحليلته بغير سحر - فكيف به على وجه السحر؟ - على لسان الأمة .
ومنها : التخلية بين المأذون له ، والمخلى بينه وبينه .
ومنها العلم بالشيء ، يقال منه : "قد أذنت بهذا الأمر" إذا علمت به "آذن به إذنا" ، ومنه قول
الحطيئة :
ألا يا هند إن جددت وصلا وإلا فأذنيني بانصرام
يعني فأعلميني . ومنه قوله جل ثناؤه : (
فأذنوا بحرب من الله ) [ سورة البقرة : 279 ] ، وهذا هو معنى الآية ، كأنه قال جل ثناؤه : وما هم بضارين ،
[ ص: 450 ] بالذي تعلموا من الملكين ، من أحد إلا بعلم الله . يعني : بالذي سبق له في علم الله أنه يضره . كما : -
1704 - حدثني
المثنى بن إبراهيم قال : حدثنا
سويد بن نصر قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
سفيان في قوله : (
وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) ، قال : بقضاء الله .