القول في تأويل قوله تعالى : (
ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين ( 72 )
وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ( 73 ) )
[ ص: 471 ] يقول تعالى ذكره : ووهبنا
لإبراهيم إسحاق ولدا
ويعقوب ولد ولده ، نافلة لك .
واختلف أهل التأويل في المعني بقوله ( نافلة ) فقال بعضهم : عنى به يعقوب خاصة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله (
ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ) يقول : ووهبنا له
إسحاق ولدا ،
ويعقوب ابن ابن نافلة .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد عن
قتادة قوله (
ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ) والنافلة : ابن ابنه
يعقوب .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله (
ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ) قال : سأل واحدا فقال (
رب هب لي من الصالحين ) فأعطاه واحدا ، وزاده يعقوب ، ويعقوب ولد ولده .
وقال آخرون : بل عنى بذلك
إسحاق ويعقوب ، قالوا : وإنما معنى النافلة : العطية ، وهما جميعا من عطاء الله أعطاهما إياه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
عبد الرحمن قال : ثنا
سفيان . عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
عطاء في قوله (
ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ) قال : عطية .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد في قوله (
إسحاق ويعقوب نافلة ) قال : عطاء .
حدثنا
القاسم قال : ثنا
الحسين قال : ثني
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
مجاهد مثله .
[ ص: 472 ] قال
أبو جعفر : وقد بينا فيما مضى قبل أن النافلة الفضل من الشيء يصير إلى الرجل من أي شيء كان ذلك ، وكلا ولديه إسحاق ويعقوب كان فضلا من الله تفضل به على
إبراهيم وهبة منه له ، وجائز أن يكون عنى به أنه آتاهما إياه جميعا نافلة منه له ، وأن يكون عنى أنه آتاه نافلة
يعقوب ولا برهان يدل على أي ذلك المراد من الكلام ، فلا شيء أولى أن يقال في ذلك مما قال الله ووهب الله له
لإبراهيم إسحاق ويعقوب نافلة .
وقوله (
وكلا جعلنا صالحين ) يعني عاملين بطاعة الله ، مجتنبين محارمه ، وعنى بقوله : ( كلا )
إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، وقوله : (
وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ) يقول تعالى ذكره : وجعلنا
إبراهيم وإسحاق ويعقوب أئمة يؤتم بهم في الخير في طاعة الله في اتباع أمره ونهيه ، ويقتدى بهم ، ويتبعون عليه .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد عن
قتادة قوله (
وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ) جعلهم الله أئمة يقتدى بهم في أمر الله ، وقوله (
يهدون بأمرنا ) يقول : يهدون الناس بأمر الله إياهم بذلك ، ويدعونهم إلى الله وإلى عبادته ، وقوله (
وأوحينا إليهم فعل الخيرات ) يقول تعالى ذكره : وأوحينا فيما أوحينا أن افعلوا الخيرات ، وأقيموا الصلاة بأمرنا بذلك (
وكانوا لنا عابدين ) يقول : كانوا لنا خاشعين ، لا يستكبرون عن طاعتنا وعبادتنا .