القول في
تأويل قوله تعالى : ( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ( 96 ) )
يقول تعالى ذكره : حتى إذا فتح عن
يأجوج ومأجوج ، وهما أمتان من الأمم ردمهما .
كما حدثني
عصام بن داود بن الجراح ، قال : ثني أبي ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بن سعيد الثوري ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور بن المعتمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15883ربعي بن حراش ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811679سمعت حذيفة بن اليمان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول الآيات : الدجال ، ونزول عيسى ، ونار تخرج من قعر عدن أبين ، تسوق الناس إلى المحشر ، تقيل معهم إذا قالوا ، والدخان ، والدابة ، ثم يأجوج ومأجوج . قال حذيفة : قلت : يا رسول الله ، وما يأجوج ومأجوج ؟ قال : يأجوج ومأجوج أمم كل أمة أربعمائة ألف ، لا يموت الرجل منهم حتى يرى ألف عين تطرف بين يديه من صلبه ، وهم ولد آدم ، فيسيرون إلى خراب الدنيا ، يكون مقدمتهم بالشام وساقتهم بالعراق ، فيمرون بأنهار الدنيا ، فيشربون الفرات والدجلة وبحيرة الطبرية حتى يأتوا بيت المقدس ، فيقولون قد قتلنا أهل الدنيا [ ص: 527 ] فقاتلوا من في السماء ، فيرمون بالنشاب إلى السماء ، فترجع نشابهم مخضبة بالدم ، فيقولون قد قتلنا من في السماء ، وعيسى والمسلمون بجبل طور سينين ، فيوحي الله جل جلاله إلى عيسى : أن أحرز عبادي بالطور وما يلي أيلة ، ثم إن عيسى يرفع رأسه إلى السماء ويؤمن المسلمون ، فيبعث الله عليهم دابة يقال لها النغف ، تدخل من مناخرهم فيصبحون موتى من حاق الشام إلى حاق العراق ، حتى تنتن الأرض من جيفهم ، ويأمر الله السماء فتمطر كأفواه القرب ، فتغسل الأرض من جيفهم ونتنهم ، فعند ذلك طلوع الشمس من مغربها " .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
حكام ، عن
أبي جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية ، قال : إن
يأجوج ومأجوج يزيدون على سائر الإنس الضعف ، وإن الجن يزيدون على الإنس الضعف ، وإن
يأجوج ومأجوج رجلان اسمهما
يأجوج ومأجوج .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
محمد بن جعفر قال : ثنا
شعبة عن
أبي إسحاق ، قال : سمعت
وهب بن جابر يحدث ، عن
عبد الله بن عمرو أنه قال : إن
يأجوج ومأجوج يمر أولهم بنهر مثل دجلة ، ويمر آخرهم فيقول : قد كان في هذا مرة ماء ، لا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا ، وقال : من بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله : تأويل ، وتاريس ، وناسك أو منسك ، شك شعبة .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
يحيى ، قال : ثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
وهب بن جابر الخيواني ، قال : سألت
عبد الله بن عمرو ، عن
يأجوج ومأجوج ، أمن بني آدم هم ؟ قال : نعم ، ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله ،
تاريس ،
وتأويل ،
ومنسك .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
سهل بن حماد أبو عتاب ، قال : ثنا
شعبة عن
النعمان بن سالم قالا سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17193نافع بن جبير بن مطعم يقول : قال
عبد الله بن عمرو :
يأجوج ومأجوج لهم أنهار يلقمون ما شاءوا ، ونساء يجامعون ما شاءوا ، وشجر يلقمون ما شاءوا ، ولا يموت رجل إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا .
[ ص: 528 ] حدثنا
محمد بن عمارة ، قال : ثنا
عبد الله بن موسى ، قال : أخبرنا
زكريا ، عن
عامر ، عن
عمرو بن ميمون ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، قال : ما مات أحد من
يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذرء فصاعدا .
حدثني
يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : ثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن
الأعمش ، عن
عطية ، قال : قال
أبو سعيد : يخرج
يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدا إلا قتلوه ، إلا أهل الحصون ، فيمرون على البحيرة فيشربونها ، فيمر المار فيقول : كأنه كان هاهنا ماء ، قال : فبعث الله عليهم النغف حتى يكسر أعناقهم فيصيروا خبالا فتقول أهل الحصون : لقد هلك أعداء الله ، فيدلون رجلا لينظر ، ويشترط عليهم إن وجدهم أحياء أن يرفعوه ، فيجدهم قد هلكوا ، قال : فينزل الله ماء من السماء فيقذفهم في البحر ، فتطهر الأرض منهم ، ويغرس الناس بعدهم الشجر والنخل ، وتخرج الأرض ثمرتها كما كانت تخرج في زمن يأجوج ومأجوج .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : ثنا
محمد بن جعفر قال : ثنا
شعبة عن
عبيد الله بن أبي يزيد ، قال : رأى
ابن عباس صبيانا ينزو بعضهم على بعض يلعبون ، فقال
ابن عباس : هكذا يخرج
يأجوج ومأجوج .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
الحكم ، قال : ثنا
عمرو بن قيس ، قال : بلغنا أن ملكا دون الردم يبعث خيلا كل يوم يحرسون الردم لا يأمن
يأجوج ومأجوج أن تخرج عليهم ، قال : فيسمعون جلبة وأمرا شديدا .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
أبي إسحاق ، أن
عبد الله بن عمرو ، قال : ما يموت الرجل من
يأجوج ومأجوج حتى يولد له من صلبه ألف ، وإن من ورائهم لثلاث أمم ما يعلم عددهم إلا الله :
منسك ،
وتأويل ،
وتاريس .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، عن
عمرو البكالي ، قال : إن الله جزأ الملائكة والإنس والجن عشرة أجزاء فتسعة منهم الكروبيون وهم الملائكة الذي يحملون العرش ، ثم هم أيضا الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، قال : ومن بقي من الملائكة لأمر الله ووحيه ورسالته ، ثم جزأ الإنس والجن عشرة أجزاء ، فتسعة منهم الجن ، لا يولد من
[ ص: 529 ] الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة ، ثم جزأ الإنس على عشرة أجزاء ، فتسعة منهم يأجوج ومأجوج ، وسائر الإنس جزء .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قوله (
حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج ) قال : أمتان من وراء ردم ذي القرنين .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن غير واحد ، عن
حميد بن هلال ، عن
أبي الصيف ، قال : قال
كعب : إذا كان عند خروج
يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذين يلونهم قرع فئوسهم ، فإذا كان الليل قالوا : نجيء غدا فنخرج ، فيعيدها الله كما كانت ، فيجيئون من الغد فيجدونه قد أعاده الله كما كان ، فيحفرونه حتى يسمع الذين يلونهم قرع فئوسهم ، فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم يقول : نجيء غدا فنخرج إن شاء الله ، فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه ، فيحفرون ثم يخرجون ، فتمر الزمرة الأولى بالبحيرة فيشربون ماءها ، ثم تمر الزمرة الثانية فيلحسون طينها ، ثم تمر الزمرة الثالثة فيقولون : قد كان هاهنا مرة ماء - وتفر الناس منهم ، فلا يقوم لهم شيء ، يرمون بسهامهم إلى السماء ، فترجع مخضبة بالدماء ، فيقولون : غلبنا أهل الأرض وأهل السماء ، فيدعو عليهم
عيسى ابن مريم ، فيقول : اللهم لا طاقة ولا يدين لنا بهم ، فاكفناهم بما شئت ، فيسلط الله عليهم دودا يقال له النغف ، فتفرس رقابهم ، ويبعث الله عليهم طيرا فتأخذهم بمناقرها فتلقيهم في البحر ، ويبعث الله عينا يقال لها الحياة تطهر الأرض منهم وتنبتها ، حتى إن الرمانة ليشبع منها السكن ، قيل : وما السكن يا
كعب ؟ قال : أهل البيت ، قال : فبينا الناس كذلك ، إذ أتاهم الصريخ أن ذا السويقتين يريده ، فيبعث
عيسى طليعة سبعمائة ، أو بين السبعمائة والثمانمائة ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله ريحا يمانية طيبة ، فيقبض الله فيها روح كل مؤمن ، ثم يبقى عجاج من الناس يتسافدون كما تتسافد البهائم ، فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينتظرها متى تضع ، فمن تكلف بعد قولي هذا شيئا أو على هذا شيئا فهو المتكلف .
حدثنا
العباس بن الوليد البيروتي ، قال : أخبرني أبي ، قال : سمعت
ابن جابر ، قال : ثني
محمد بن جابر الطائي ثم
الحمصي ، ثني
عبد الرحمن بن جبير [ ص: 530 ] بن نفير الحضرمي ، قال : ثني أبي أنه سمع
النواس بن سمعان الكلابي يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810827ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ، وذكر أمره ، وأن عيسى ابن مريم يقتله ، ثم قال : فبينا هو كذلك ، أوحى الله إليه : يا عيسى ، إني قد أخرجت عبادا لي لا يد لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلى الطور ، فيبعث الله يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيمر أحدهم على بحيرة طبرية ، فيشربون ما فيها ، ثم ينزل آخرهم ، ثم يقول : لقد كان بهذه ماء مرة ، فيحاصر نبي الله عيسى وأصحابه ، حتى يكون رأس الثور يومئذ خيرا لأحدهم من مائة دينار لأحدكم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم ، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ، فيهبط نبي الله عيسى وأصحابه ، فلا يجدون موضعا إلا قد ملأه زهمهم ونتنهم ودماؤهم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل عليهم طيرا كأعناق البخت ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ، ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر ، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة .
وأما قوله (
وهم من كل حدب ينسلون ) فإن أهل التأويل اختلفوا في المعني به ، فقال بعضهم : عني بذلك بنو آدم أنهم يخرجون من كل موضع كانوا دفنوا فيه من الأرض ، وإنما عني بذلك الحشر إلى موقف الناس يوم القيامة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قوله (
من كل حدب ينسلون ) قال : جمع الناس من كل مكان جاءوا منه يوم القيامة ، فهو حدب .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنى
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريح (
وهم من كل حدب ينسلون ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قال
مجاهد : جمع الناس من كل حدب من مكان جاءوا منه يوم القيامة فهو حدب .
وقال آخرون : بل عنى بذلك
يأجوج ومأجوج وقوله : وهم كناية أسمائهم .
ذكر من قال ذلك : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ،
[ ص: 531 ] قال : ثنا
سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، قال : ثنا
أبو الزعراء عن عبد الله أنه قال : يخرج
يأجوج ومأجوج فيمرحون في الأرض ، فيفسدون فيها ، ثم قرأ
عبد الله (
وهم من كل حدب ينسلون ) قال : ثم يبعث الله عليهم دابة مثل النغف ، فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها فتنتن الأرض منهم ، فيرسل الله عز وجل ماء فيطهر الأرض منهم .
والصواب من القول في ذلك ما قاله الذين قالوا : عنى بذلك
يأجوج ومأجوج ، وأن قوله ( وهم ) كناية عن أسمائهم ، للخبر الذي حدثنا به
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
محمد بن إسحاق ، عن
عاصم بن عمر عن
قتادة الأنصاري ، ثم الظفري ، عن
محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502057يفتح يأجوج ومأجوج يخرجون على الناس كما قال الله ( من كل حدب ينسلون ) فيغشون الأرض " .
حدثني
أحمد بن إبراهيم ، قال : ثنا
هشيم بن بشير ، قال : أخبرنا
العوام بن حوشب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15621جبلة بن سحيم ، عن
مؤثر ، وهو ابن عفازة العبدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكر عن
عيسى ابن مريم ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811680قال عيسى : عهد إلي ربي أن الدجال خارج ، وأنه مهبطي إليه ، فذكر أن معه قضيبين ، فإذا رآني أهلكه الله ، قال : فيذوب كما يذوب الرصاص ، حتى إن الشجر والحجر ليقول : يا مسلم هذا كافر فاقتله ، فيهلكهم الله تبارك وتعالى ، ويرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم ، فيستقبلهم يأجوج ومأجوج من كل حدب ينسلون ، لا يأتون على شيء إلا أهلكوه ، ولا يمرون على ماء إلا شربوه .
حدثني
عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : ثنا
المحاربي ، عن
أصبغ بن زيد ، عن
العوام بن حوشب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15621جبلة بن سحيم ، عن
مؤثر بن عفازة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه .
وأما قوله (
من كل حدب ) فإنه يعني من كل شرف ونشز وأكمة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 532 ] ذكر من قال ذلك : حدثني
علي قال : ثنا
عبد الله قال ثني
معاوية ، عن
علي عن
ابن عباس ، قوله (
من كل حدب ينسلون ) يقول : من كل شرف يقبلون .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر عن
قتادة (
من كل حدب ينسلون ) قال : من كل أكمة .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
وهم من كل حدب ينسلون ) قال : الحدب : الشيء المشرف ، وقال الشاعر :
على الحداب تمور
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ) قال : هذا مبتدأ يوم القيامة .
وأما قوله ( ينسلون ) فإنه يعني أنهم يخرجون مشاة مسرعين في مشيهم كنسلان الذئب ، كما قال الشاعر :
عسلان الذئب أمسى قاربا برد الليل عليه فنسل