القول في تأويل قوله تعالى : (
ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب )
[ ص: 586 ] يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم :
ألم تر يا
محمد بقلبك ، فتعلم أن الله يسجد له من في السماوات من الملائكة ، ومن في الأرض من الخلق من الجن وغيرهم ، والشمس والقمر والنجوم في السماء ، والجبال ، والشجر ، والدواب في الأرض ، وسجود ذلك ظلاله حين تطلع عليه الشمس ، وحين تزول ، إذا تحول ظل كل شيء فهو سجوده .
كما حدثنا
القاسم قال : ثنا
الحسين قال : ثني
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
مجاهد قوله : (
ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب ) قال : ظلال هذا كله .
وأما سجود الشمس والقمر والنجوم ، فإنه كما حدثنا به
ابن بشار قال : ثنا
ابن أبي عدي ومحمد بن جعفر قالا ثنا
عوف قال : سمعت
أبا العالية الرياحي يقول : ما في السماء نجم ولا شمس ولا قمر ، إلا يقع لله ساجدا حين يغيب ، ثم لا ينصرف حتى يؤذن له ، فيأخذ ذات اليمين ، وزاد
محمد : حتى يرجع إلى مطلعه .
وقوله : (
وكثير من الناس ) يقول : ويسجد كثير من بني آدم ، وهم المؤمنون بالله .
كما حدثنا
القاسم قال : ثنا
الحسين قال : ثني
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
مجاهد : (
وكثير من الناس ) قال : المؤمنون . وقوله : (
وكثير حق عليه العذاب ) يقول تعالى ذكره : وكثير من بني آدم حق عليه عذاب الله ، فوجب عليه بكفره به ، وهو مع ذلك يسجد لله ظله .
كما حدثنا
القاسم قال : ثنا
الحسين قال : ثني
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
مجاهد (
وكثير حق عليه العذاب ) وهو يسجد مع ظله ، فعلى هذا التأويل الذي ذكرناه عن
مجاهد وقع قوله (
وكثير حق عليه العذاب ) بالعطف على قوله (
وكثير من الناس ) ويكون داخلا في عداد من وصفه الله بالسجود له ، ويكون قوله (
حق عليه العذاب ) من صلة كثير ، ولو كان " الكثير الثاني من لم يدخل في عداد من وصف بالسجود كان مرفوعا بالعائد من ذكره في قوله : (
حق عليه العذاب ) وكان معنى الكلام حينئذ : وكثير أبى السجود ، لأن
[ ص: 587 ] قوله (
حق عليه العذاب ) يدل على معصية الله وإبائه السجود ، فاستحق بذلك العذاب .