القول في
تأويل قوله تعالى : ( وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ( 26 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم ، معلمه عظيم ما ركب من قومه
قريش خاصة دون غيرهم من سائر خلقه بعبادتهم في حرمه ، والبيت الذي أمر
إبراهيم خليله صلى الله عليه وسلم ببنائه وتطهيره من الآفات والريب والشرك : واذكر يا
محمد كيف ابتدأنا هذا البيت الذي يعبد قومك فيه غيري ، إذ بوأنا لخليلنا
إبراهيم ، يعني بقوله : بوأنا : وطأنا له مكان البيت .
كما حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
محمد بن ثور عن
معمر عن
قتادة قوله : (
وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ) قال : وضع الله البيت مع آدم صلى الله عليه وسلم حين أهبط آدم إلى الأرض وكان مهبطه بأرض الهند ، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض ، فكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعا ، وإن آدم لما فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم ، شكا ذلك إلى الله ، فقال الله : يا آدم إني قد أهبطت لك بيتا يطاف به كما يطاف حول عرشي ، ويصلى عنده كما يصلى حول عرشي ، فانطلق إليه ! فخرج إليه ، ومد له في خطوه ، فكان بين كل خطوتين مفازة ، فلم تزل تلك المفاوز على ذلك حتى أتى آدم البيت ، فطاف به ومن بعده من الأنبياء .
[ ص: 604 ] حدثني
موسى قال : ثنا
عمرو قال : ثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال :
لما عهد الله إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين ، انطلق إبراهيم حتى أتى مكة ، فقام هو
وإسماعيل وأخذا المعاول ، لا يدريان أين البيت ، فبعث الله ريحا يقال لها ريح الخجوج ، لها جناحان ورأس في صورة حية ، فكنست لها ما حول
الكعبة عن أساس البيت الأول ، واتبعاها بالمعاول يحفران ، حتى وضعا الأساس ، فذلك حين يقول : (
وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ) .
ويعني بالبيت :
الكعبة (
أن لا تشرك بي شيئا ) في عبادتك إياي (
وطهر بيتي ) الذي بنيته من عبادة الأوثان .
كما حدثنا
ابن وكيع قال : ثنا أبي عن
سفيان عن
ليث عن
مجاهد في قوله : (
وطهر بيتي ) قال : من الشرك .
حدثنا
القاسم قال : ثنا
الحسين قال : ثني
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير قال : من الآفات والريب .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور عن
معمر عن
قتادة : (
طهرا بيتي ) قال : من الشرك وعبادة الأوثان .
وقوله : ( للطائفين ) يعني للطائفين ، والقائمين بمعنى المصلين الذين هم قيام في صلاتهم .
كما حدثنا
القاسم قال : ثنا
الحسين قال : ثنا
أبو تميلة عن
أبي حمزة عن
جابر عن
عطاء في قوله (
وطهر بيتي للطائفين والقائمين ) قال : القائمون في الصلاة .
حدثنا
الحسن قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر عن
قتادة : ( والقائمين ) قال : القائمون المصلون .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور عن
معمر عن
قتادة مثله .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
والقائمين والركع السجود ) قال : القائم والراكع والساجد هو المصلي ، والطائف هو الذي يطوف به . وقوله : (
والركع السجود ) يقول : والركع السجود في صلاتهم حول البيت .
[ ص: 605 ]