القول في
تأويل قوله تعالى : ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ( 32 ) )
يقول تعالى ذكره : هذا الذي ذكرت لكم أيها الناس وأمرتكم به من اجتناب الرجس من الأوثان واجتناب قول الزور حنفاء لله ، وتعظيم شعائر الله ، وهو استحسان البدن واستسمانها وأداء مناسك الحج على ما أمر الله جل ثناؤه ، من تقوى قلوبكم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
إسماعيل بن إبراهيم ، قال : ثنا
محمد بن زياد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526محمد بن أبي ليلى ، عن
الحكم عن
مقسم عن
ابن عباس ، في قوله : (
ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) قال : استعظامها ، واستحسانها ، واستسمانها .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
حكام عن
عنبسة عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن
القاسم بن أبي بزة عن
مجاهد ، في قوله : (
ومن يعظم شعائر الله ) قال : الاستسمان والاستعظام .
[ ص: 622 ] وبه عن عنبسة ، عن ليث ، عن
مجاهد مثله ، إلا أنه قال : والاستحسان .
حدثنا عبد الحميد بن بيان الواسطي ، قال : أخبرنا إسحاق ، عن أبي بشر ، وحدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
ومن يعظم شعائر الله ) قال : استعظام البدن ، واستسمانها ، واستحسانها .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد مثله .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند ، عن
محمد بن أبي موسى ، قال : الوقوف
بعرفة من شعائر الله ، وبجمع من شعائر الله ، ورمي الجمار من شعائر الله ، والبدن من شعائر الله ، ومن يعظمها فإنها من شعائر الله في قوله : (
ومن يعظم شعائر الله ) فمن يعظمها فإنها من تقوى القلوب .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
ومن يعظم شعائر الله ) قال : الشعائر : الجمار ،
والصفا والمروة من شعائر الله ، والمشعر الحرام
والمزدلفة ، قال : والشعائر تدخل في الحرم ، هي شعائر ، وهي حرم .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر أن تعظيم شعائره ، وهي ما حمله أعلاما لخلقه فيما تعبدهم به من مناسك حجهم ، من الأماكن التي أمرهم بأداء ما افترض عليهم منها عندها والأعمال التي ألزمهم عملها في حجهم : من تقوى قلوبهم; لم يخصص من ذلك شيئا ، فتعظيم كل ذلك من تقوى القلوب ، كما قال جل ثناؤه; وحق على عباده المؤمنين به تعظيم جميع ذلك . وقال : (
فإنها من تقوى القلوب ) وأنث ولم يقل : فإنه ، لأنه أريد بذلك : فإن تلك التعظيمة مع اجتناب الرجس من الأوثان من تقوى القلوب ، كما قال جل ثناؤه : (
إن ربك من بعدها لغفور رحيم ) . وعنى بقوله : (
فإنها من [ ص: 623 ] تقوى القلوب ) فإنها من وجل القلوب من خشية الله ، وحقيقة معرفتها بعظمته وإخلاص توحيده .