القول في
تأويل قوله تعالى : ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ( 41 ) )
يقول تعالى ذكره : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة . والذين هاهنا رد على الذين يقاتلون .
ويعني بقوله : (
إن مكناهم في الأرض ) إن وطنا لهم في البلاد ، فقهروا المشركين وغلبوهم عليها ، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . يقول : إن نصرناهم على أعدائهم وقهروا مشركي مكة ، أطاعوا الله ، فأقاموا الصلاة بحدودها ، وآتوا الزكاة : يقول : وأعطوا زكاة أموالهم من جعلها الله له (
وأمروا بالمعروف ) يقول : ودعوا الناس إلى توحيد الله والعمل بطاعته وما يعرفه أهل الإيمان بالله (
ونهوا عن المنكر ) يقول : ونهوا عن الشرك بالله ، والعمل بمعاصيه ، الذي ينكره أهل الحق والإيمان بالله (
ولله عاقبة الأمور ) يقول : ولله آخر أمور الخلق ، يعني أن إليه مصيرها في الثواب عليها ، والعقاب في الدار الآخرة .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 652 ] ذكر من قال ذلك : حدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسين الأشيب ، قال : ثنا
أبو جعفر عيسى بن ماهان ، الذي يقال له الرازي ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية ، في قوله : (
الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) قال : كان أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلى الإخلاص لله وحده لا شريك له; ونهيهم عن المنكر أنهم نهوا عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان . قال : فمن دعا إلى الله من الناس كلهم فقد أمر بالمعروف ، ومن نهى عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان فقد نهى عن المنكر .