القول في
تأويل قوله تعالى : ( والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين ( 58 ) )
يقول تعالى ذكره : والذين فارقوا أوطانهم وعشائرهم فتركوا ذلك في رضا الله وطاعته وجهاد أعدائه ثم قتلوا أو ماتوا وهم كذلك ، ليرزقنهم الله يوم القيامة في جناته رزقا حسنا . يعني بالحسن الكريم وإنما يعني بالرزق
الحسن الثواب الجزيل (
وإن الله لهو خير الرازقين ) يقول : وإن الله لهو خير من بسط فضله على أهل طاعته وأكرمهم . وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في حكم من مات في سبيل الله ، فقال
[ ص: 674 ] بعضهم : سواء المقتول منهم والميت .
وقال آخرون : المقتول أفضل . فأنزل الله هذه الآية على نبيه صلى الله عليه وسلم ، يعلمهم استواء أمر الميت في سبيله والمقتول فيها في الثواب عنده .
وقد : حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
عبد الرحمن بن شريح ، عن
سلامان بن عامر قال : كان
فضالة برودس أميرا على الأرباع ، فخرج بجنازتي رجلين ، أحدهما قتيل والآخر متوفى; فرأى ميل الناس مع جنازة القتيل إلى حفرته ، فقال : أراكم أيها الناس تميلون مع القتيل وتفضلونه على أخيه المتوفى ؟ فقالوا : هذا القتيل في سبيل الله . فقال فوالذي نفسي بيده ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت ! اقرءوا قول الله تعالى : (
والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ) . . . إلى قوله : (
وإن الله لعليم حليم ) .