القول في تأويل
قوله تعالى : ( والذين هم للزكاة فاعلون ( 4 )
والذين هم لفروجهم حافظون ( 5 )
إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ( 6 )
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ( 7 ) )
يقول تعالى ذكره : والذين هم لزكاة أموالهم التي فرضها الله عليهم فيها مؤدون ، وفعلهم الذي وصفوا به هو أداؤهموها . وقوله : (
والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم ) يقول : والذين هم لفروج أنفسهم وعنى بالفروج في هذا الموضع : فروج الرجال ، وذلك أقبالهم . ( حافظون ) يحفظونها من أعمالها في شيء من الفروج . (
إلا على أزواجهم ) يقول : إلا من أزواجهم اللاتي أحلهن الله للرجال بالنكاح . (
أو ما ملكت أيمانهم ) يعني بذلك إماءهم . و " ما " التي في قوله : (
أو ما ملكت أيمانهم ) محل خفض ، عطفا على الأزواج . (
فإنهم غير ملومين ) يقول : فإن من
لم يحفظ فرجه عن زوجه ، وملك يمينه ، وحفظه عن غيره من الخلق ، فإنه غير موبخ على ذلك ، ولا مذموم ، ولا هو بفعله ذلك راكب ذنبا يلام عليه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
[ ص: 11 ] ذكر من قال ذلك :
حدثنا
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ) يقول : رضي الله لهم إتيانهم أزواجهم ، وما ملكت أيمانهم .
وقوله : (
فمن ابتغى وراء ذلك ) يقول : فمن
التمس لفرجه منكحا سوى زوجته ، وملك يمينه ، (
فأولئك هم العادون ) يقول : فهم العادون حدود الله ، المجاوزون ما أحل الله لهم إلى ما حرم عليهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قال : نهاهم الله نهيا شديدا ، فقال : (
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) فسمى الزاني من العادين .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
فأولئك هم العادون ) قال : الذين يتعدون الحلال إلى الحرام .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
جرير ، عن
عطاء ، عن
أبي عبد الرحمن ، في قوله : (
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) قال : من زنى فهو عاد .