القول في تأويل
قوله تعالى : ( وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ( 29 )
إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ( 30 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه
نوح عليه السلام : وقل إذا سلمك الله ، وأخرجك من الفلك ، فنزلت عنها : (
رب أنزلني منزلا ) من الأرض (
مباركا وأنت خير ) من أنزل عباده المنازل .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : (
منزلا مباركا ) قال :
لنوح حين نزل من السفينة .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين . قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
[ ص: 28 ] مجاهد ، مثله .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الأمصار : (
رب أنزلني منزلا مباركا ) بضم الميم وفتح الزاي ، بمعنى : أنزلني إنزالا مباركا . وقرأه
عاصم ( منزلا ) بفتح الميم وكسر الزاي . بمعنى : أنزلني مكانا مباركا وموضعا .
وقوله : ( إن في ذلك لآيات ) يقول تعالى ذكره : إن فيما فعلنا
بقوم نوح يا
محمد ، من إهلاكناهم إذ كذبوا رسلنا ، وجحدوا وحدانيتنا وعبدوا الآلهة والأصنام - لعبرا لقومك من مشركي
قريش ، وعظات وحججا لنا ، يستدلون بها على سنتنا في أمثالهم ، فينزجروا عن كفرهم ، ويرتدعوا عن تكذيبك ، حذرا أن يصيبهم مثل الذي أصابهم من العذاب .
وقوله : (
وإن كنا لمبتلين ) يقول تعالى ذكره : وكنا مختبريهم بتذكيرنا إياهم بآياتنا ، لننظر ما هم عاملون قبل نزول عقوبتنا بهم .