القول في تأويل
قوله تعالى : ( حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( 64 )
لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ( 65 ) )
يقول تعالى ذكره : ولهؤلاء الكفار من
قريش أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ، إلى أن يؤخذ أهل النعمة والبطر منهم بالعذاب . كما :
حدثنا
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد : (
إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب ) ، قال : المترفون : العظماء . (
إذا هم يجأرون ) يقول : فإذا أخذناهم به جأروا ، يقول : ضجوا واستغاثوا مما حل بهم من عذابنا ، ولعل الجؤار : رفع الصوت ، كما يجأر الثور ; ومنه قول
الأعشى :
يراوح من صلوات الملي ك طورا سجودا وطورا جؤارا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس : (
إذا هم يجأرون ) يقول : يستغيثون .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
يحيى وعبد الرحمن ، قالا ثنا
سفيان ، عن
علقمة بن قردد ، عن
مجاهد ، في قوله : (
حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون ) قال : بالسيوف يوم
بدر .
[ ص: 51 ] حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
أبي جعفر ، عن
الربيع بن أنس ، في قوله : (
إذا هم يجأرون ) قال : يجزعون .
قال : ثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : (
حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب ) قال : عذاب يوم
بدر . (
إذا هم يجأرون ) قال : الذين
بمكة .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب ) يعني أهل
بدر ، أخذهم الله بالعذاب يوم
بدر .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : سمعت
ابن زيد يقول في قوله : (
إذا هم يجأرون ) قال : يجزعون .
وقوله : (
لا تجأروا اليوم ) يقول : لا تضجوا وتستغيثوا اليوم وقد نزل بكم العذاب الذي لا يدفع عن الذين ظلموا أنفسهم ، فإن ضجيجكم غير نافعكم ولا دافع عنكم شيئا مما قد نزل بكم من سخط الله . (
إنكم منا لا تنصرون ) يقول : إنكم من عذابنا الذي قد حل بكم لا تستنقذون ، ولا يخلصكم منه شيء .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
أبي جعفر ، عن
الربيع بن أنس : (
لا تجأروا اليوم ) لا تجزعوا اليوم .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
الربيع بن أنس : (
لا تجأروا اليوم ) لا تجزعوا الآن حين نزل بكم العذاب ، إنه لا ينفعكم ، فلو كان هذا الجزع قبل نفعكم .