القول في تأويل
قوله تعالى : ( أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين ( 72 )
وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ( 73 ) )
يقول تعالى ذكره : أم تسأل هؤلاء المشركين يا
محمد من قومك خراجا ، يعني أجرا على ما جئتهم به من عند الله من النصيحة والحق ; (
فخراج ربك خير ) فأجر ربك على نفاذك لأمره ، وابتغاء مرضاته خير لك من ذلك ، ولم يسألهم صلى الله عليه وسلم على ما أتاهم به من عند الله أجرا ، قال لهم كما قال الله له ، وأمره بقيله لهم : (
قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) وإنما معنى الكلام : أم تسألهم على ما جئتهم به أجرا ، فنكصوا على أعقابهم إذا تلوته عليهم ، مستكبرين بالحرم ، فخراج ربك خير .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
الحسن : (
أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير ) قال : أجرا .
حدثنا
الحسن ، قال : ثنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر عن
الحسن ، مثله .
وأصل الخراج والخرج : مصدران لا يجمعان .
وقوله : (
وهو خير الرازقين ) يقول : والله خير من أعطى عوضا على عمل
[ ص: 59 ] ورزق رزقا .
وقوله : (
وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ) يقول تعالى ذكره : وإنك يا
محمد لتدعو هؤلاء المشركين من قومك إلى دين الإسلام ، وهو الطريق القاصد والصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه .