القول في تأويل
قوله تعالى : ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ( 96 )
وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ( 97 )
وأعوذ بك رب أن يحضرون ( 98 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه : ادفع يا
محمد بالخلة التي هي أحسن ، وذلك الإغضاء والصفح عن جهلة المشركين والصبر على أذاهم ، وذلك أمره إياه قبل أمره بحربهم ،
[ ص: 68 ] وعنى بالسيئة : أذى المشركين إياه وتكذيبهم له فيما أتاهم به من عند الله ، يقول له تعالى ذكره : اصبر على ما تلقى منهم في ذات الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، قوله : (
ادفع بالتي هي أحسن السيئة ) قال : أعرض عن أذاهم إياك .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
عبد الكريم الجزري ، عن
مجاهد : (
ادفع بالتي هي أحسن السيئة ) قال : هو السلام ، تسلم عليه إذا لقيته .
حدثنا
الحسن ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
عبد الكريم ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
هوذة ، قال : ثنا
عوف ، عن
الحسن ، في قوله : (
ادفع بالتي هي أحسن السيئة ) قال : والله لا يصيبها صاحبها حتى يكظم غيظا ، ويصفح عما يكره .
وقوله : (
نحن أعلم بما يصفون ) يقول تعالى ذكره : نحن أعلم بما يصفون الله به ، وينحلونه من الأكاذيب والفرية عليه ، وبما يقولون فيك من السوء ، ونحن مجازوهم على جميع ذلك ، فلا يحزنك ما تسمع منهم من قبيح القول .
وقوله :
( وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ) يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : وقل يا
محمد : رب أستجير بك من خنق الشياطين وهمزاتها ، والهمز : هو الغمز ، ومن ذلك قيل للهمز في الكلام : همزة ، والهمزات جمع همزة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس ، قال : أخبرني
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد في قوله : (
وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ) قال : همزات الشياطين : خنقهم الناس ، فذلك همزاتهم .
[ ص: 69 ] وقوله : (
وأعوذ بك رب أن يحضرون ) يقول : وقل أستجير بك رب أن يحضرون في أموري .
كالذي حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
وأعوذ بك رب أن يحضرون ) في شيء من أمري .