القول في تأويل
قوله تعالى : ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( 102 )
ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( 103 )
تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ( 104 ) )
يقول تعالى ذكره : (
فمن ثقلت موازينه ) موازين حسناته ، وخفت موازين سيئاته (
فأولئك هم المفلحون ) يعني : الخالدون في جنات النعيم (
ومن خفت موازينه ) يقول ومن خفت موازين حسناته فرجحت بها موازين سيئاته (
فأولئك الذين خسروا أنفسهم ) يقول : غبنوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله (
في جهنم خالدون ) يقول : هم في نار جهنم .
وقوله : (
تلفح وجوههم النار ) يقول : تسفع وجوههم النار .
كما حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : قال
ابن عباس : (
تلفح وجوههم النار ) قال : تنفح (
وهم فيها كالحون ) والكلوح : أن تتقلص الشفتان عن الأسنان ، حتى تبدو الأسنان ، كما قال
الأعشى :
وله المقدم لا مثل له ساعة الشدق عن الناب كلح
[ ص: 74 ] فتأويل الكلام : يسفع وجوههم لهب النار فتحرقها ، وهم فيها متقلصو الشفاه عن الأسنان ; من إحراق النار وجوههم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثني
عبد الله ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
وهم فيها كالحون ) يقول : عابسون .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
يحيى وعبد الرحمن ، قالا ثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
أبي الأحوص ، عن
عبد الله ، في قوله : (
وهم فيها كالحون ) قال : ألم تر إلى الرأس المشيط قد بدت أسنانه ، وقلصت شفتاه .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
أبي الأحوص عن
عبد الله ، قرأ هذه الآية (
تلفح وجوههم النار ) . . . الآية ، قال : ألم تر إلى الرأس المشيط بالنار ، وقد قلصت شفتاه وبدت أسنانه .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد في قوله : (
وهم فيها كالحون ) قال : ألم تر إلى الغنم إذا مست النار وجوهها كيف هي؟ .