القول في تأويل
قوله تعالى : ( ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ( 8 )
والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ( 9 ) )
يعني جل ذكره بقوله : (
ويدرأ عنها العذاب ) : ويدفع عنها الحد .
واختلف أهل العلم في العذاب الذي عناه الله في هذا الموضع أنه يدرؤه عنها شهاداتها الأربع ، فقال بعضهم : بنحو الذي قلنا في ذلك ، من أن الحد جلد مائة إن كانت بكرا ، أو الرجم إن كانت ثيبا قد أحصنت .
وقال آخرون : بل ذلك الحبس ، وقالوا : الذي يجب عليها إن هي لم تشهد الشهادات الأربع بعد شهادات الزوج الأربع ، والتعانه : الحبس دون الحد .
وإنما قلنا : الواجب عليها إذا هي امتنعت من الالتعان بعد التعان الزوج الحد الذي
[ ص: 115 ] وصفنا ، قياسا على إجماع الجميع على أن الحد إذا زال عن الزوج بالشهادات الأربع على تصديقه فيما رماها به ، أن الحد عليها واجب ، فجعل الله أيمانه الأربع ، والتعانه في الخامسة مخرجا له من الحد الذي يجب لها برميه إياها ، كما جعل الشهداء الأربعة مخرجا له منه في ذلك وزائلا به عنه الحد ، فكذلك الواجب أن يكون بزوال الحد عنه بذلك واجبا عليها حدها ، كما كان بزواله عنه بالشهود واجبا عليها ، لا فرق بين ذلك ، وقد استقصينا العلل في ذلك في باب اللعان من كتابنا المسمى [ لطيف القول في شرائع الإسلام ] ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وقوله : (
أن تشهد أربع شهادات بالله ) يقول : ويدفع عنها العذاب أن تحلف بالله أربع أيمان : أن زوجها الذي رماها بما رماها به من الفاحشة ، لمن الكاذبين فيما رماها من الزنا ، وقوله : (
والخامسة أن غضب الله عليها ) . . الآية ، يقول : والشهادة الخامسة : أن غضب الله عليها إن كان زوجها فيما رماها به من الزنا من الصادقين . ورفع قوله : ( والخامسة ) في كلتا الآيتين ، بأن التي تليها .