القول في تأويل
قوله تعالى : ( لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين ( 12 ) )
وهذا عتاب من الله تعالى ذكره أهل الإيمان به فيما وقع في أنفسهم من إرجاف من أرجف في أمر
عائشة بما أرجف به ، يقول لهم تعالى ذكره : هلا أيها الناس إذ سمعتم ما قال
أهل الإفك في
عائشة ظن المؤمنون منكم والمؤمنات بأنفسهم خيرا : يقول : ظننتم بمن قرف بذلك منكم خيرا ، ولم تظنوا به أنه أتى الفاحشة ، وقال بأنفسهم ، لأن أهل الإسلام كلهم بمنزلة نفس واحدة ، لأنهم أهل ملة واحدة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 129 ] ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
محمد بن إسحاق ، عن أبيه ، عن بعض رجال
بني النجار ، أن
أبا أيوب خالد بن زيد ، قالت له امرأته
أم أيوب : أما تسمع ما يقول الناس في
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة؟ قال : بلى ، وذلك الكذب ، أكنت فاعلة ذلك يا
أم أيوب؟ قالت : لا والله ما كنت لأفعله ، قال :
nindex.php?page=showalam&ids=25فعائشة والله خير منك ، قال : فلما نزل القرآن ، ذكر الله من قال في الفاحشة ما قال من
أهل الإفك : (
إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم ) وذلك
حسان وأصحابه الذين قالوا ما قالوا ، ثم قال : (
لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون ) . . الآية : أي كما قال
أبو أيوب وصاحبته .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ) ما هذا الخير ظن المؤمن أن المؤمن لم يكن ليفجر بأمه ، وأن الأم لم تكن لتفجر بابنها ، إن أراد أن يفجر فجر بغير أمه ،
يقول : إنما كانت
عائشة أما ، والمؤمنون بنون لها ، محرما عليها ، وقرأ : (
لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء ) . . الآية .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، قوله : (
ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ) قال لهم خيرا ، ألا ترى أنه يقول : (
ولا تقتلوا أنفسكم ) . يقول : بعضكم بعضا ، وسلموا على أنفسكم ، قال : يسلم بعضكم على بعض .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
هوذة ، قال : ثنا
عوف عن
الحسن ، في قوله : (
لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ) يعني بذلك المؤمنين والمؤمنات .
وقوله : (
وقالوا هذا إفك مبين ) يقول : وقال المؤمنون والمؤمنات : هذا الذي سمعناه من القوم الذي رمي به
عائشة من الفاحشة كذب وإثم ، يبين لمن عقل وفكر فيه أنه كذب وإثم وبهتان .
كما حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
هوذة ، قال : أخبرنا
عوف عن
الحسن : (
وقالوا هذا إفك مبين ) قالوا : إن هذا لا ينبغي أن يتكلم به إلا من أقام عليه أربعة من الشهود ، وأقيم عليه حد الزنا .