[ ص: 133 ] القول في تأويل
قوله تعالى : ( يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ( 17 )
ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم ( 18 ) )
يقول تعالى ذكره : يذكركم الله وينهاكم بآي كتابه ، لئلا تعودوا لمثل فعلكم الذي فعلتموه في أمر
عائشة من تلقيكم الإفك الذي روي عليها بألسنتكم ، وقولكم بأفواهكم ما ليس لكم به علم فيها أبدا ( إن كنتم مؤمنين ) يقول : إن كنتم تتعظون بعظات الله ، وتأتمرون لأمره ، وتنتهون عما نهاكم عنه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم ) قال : والذي هو خير لنا من هذا ، أن الله أعلمنا هذا لكيلا نقع فيه ، لولا أن الله أعلمناه لهلكنا كما هلك القوم ، أن يقول الرجل : أنا سمعته ولم أخترقه ولم أتقوله ، فكان خيرا حين أعلمناه الله ، لئلا ندخل في مثله أبدا ، وهو عند الله عظيم وقوله : (
ويبين الله لكم الآيات ) : ويفصل الله لكم حججه عليكم بأمره ونهيه ، ليتبين المطيع له منكم من العاصي ، والله عليم بكم وبأفعالكم ، لا يخفى عليه شيء ، وهو مجاز المحسن منكم بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، حكيم في تدبير خلقه ، وتكليفه ما كلفهم من الأعمال وفرضه ما فرض عليهم من الأفعال .