القول في تأويل
قوله تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ( 30 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : ( قل للمؤمنين ) بالله وبك يا
محمد (
يغضوا من أبصارهم ) يقول : يكفوا من نظرهم إلى ما يشتهون النظر إليه ، مما قد نهاهم الله عن النظر إليه (
ويحفظوا فروجهم ) أن يراها من لا يحل له رؤيتها ، بلبس ما يسترها عن أبصارهم ( ذلك أزكى لهم ) يقول : فإن غضها من النظر عما لا يحل النظر إليه ، وحفظ الفرج عن أن يظهر لأبصار الناظرين ; أطهر لهم عند الله وأفضل (
إن الله خبير بما يصنعون ) يقول : إن الله ذو خبرة بما تصنعون أيها الناس فيما أمركم به من غض أبصاركم عما أمركم بالغض عنه ، وحفظ فروجكم عن إظهارها لمن نهاكم عن إظهارها له .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي بن سهل الرملي ، قال : ثنا
حجاج ، قال : ثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية في قوله : (
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) قال : كل فرج ذكر حفظه في القرآن فهو من الزنا إلا هذه (
وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) فإنه يعني الستر .
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، [ ص: 155 ] قوله : (
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) (
وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) قال : يغضوا أبصارهم عما يكره الله .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) قال : يغض من بصره : أن ينظر إلى ما لا يحل له ، إذا رأى ما لا يحل له غض من بصره لا ينظر إليه ، ولا يستطيع أحد أن يغض بصره كله ، إنما قال الله : (
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) .