القول في تأويل قوله تعالى : (
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ( 33 ) )
يقول تعالى ذكره : زوجوا الصالحين من عبادكم وإمائكم ولا تكرهوا إماءكم على البغاء ، وهو الزنا (
إن أردن تحصنا ) يقول : إن أردن تعففا عن الزنا .
(
لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ) يقول : لتلتمسوا بإكراهكم إياهن على الزنا عرض الحياة الدنيا وذلك ما تعرض لهم إليه الحاجة من رياشها وزينتها وأموالها ، (
ومن يكرهن ) يقول : ومن يكره فتياته على البغاء ، فإن الله من بعد إكراهه إياهن على ذلك ، لهن ( غفور رحيم ) ، ووزر ما كان من ذلك عليهم دونهن .
وذكر أن هذه الآية أنزلت في
عبد الله بن أبي ابن سلول ، حين أكره أمته
مسيكة على الزنا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
الحسن بن الصباح ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : أخبرني
أبو الزبير ، أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يقول : جاءت
مسيكة لبعض
الأنصار فقالت : إن سيدي يكرهني على الزنا ، فنزلت في ذلك : (
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) .
حدثني
يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : ثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن
الأعمش ، عن
أبي سفيان عن
جابر قال : كانت جارية
لعبد الله بن أبي ابن سلول ، يقال لها
مسيكة ، فآجرها أو أكرهها "
الطبري شك فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فشكت ذلك إليه ، فأنزل الله (
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) يعني بهن .
[ ص: 175 ] حدثنا
أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : ثنا
عبثر ، قال : ثنا
حصين ، عن
الشعبي ، في قوله : (
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) قال : رجل كانت له جارية تفجر ، فلما أسلمت نزلت هذه .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : أخبرني
أبو الزبير ، عن
جابر ، قال : جاءت جارية لبعض
الأنصار ، فقالت : إن سيدي أكرهني على البغاء ، فأنزل الله في ذلك (
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وأخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
عكرمة قال : أمة
لعبد الله بن أبي ، أمرها فزنت ، فجاءت ببرد ، فقال لها : ارجعي فازني ، قالت : والله لا أفعل ، إن يك هذا خيرا فقد استكثرت منه ، وإن يك شرا فقد آن لي أن أدعه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وقال
مجاهد نحو ذلك ، وزاد قال : البغاء الزنا ، ( والله غفور رحيم ) قال : للمكرهات على الزنا ، وفيها نزلت هذه الآية .
حدثنا
الحسن ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
الزهري أن رجلا من
قريش أسر يوم
بدر ، وكان
عبد الله بن أبي أسره ، وكان
لعبد الله جارية يقال : لها
معاذة ، فكان القرشي الأسير يريدها على نفسها ، وكانت مسلمة ، فكانت تمتنع منه لإسلامها ، وكان
ابن أبي يكرهها على ذلك ، ويضربها رجاء أن تحمل للقرشي ، فيطلب فداء ولده ، فقال الله : (
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا ) قال
الزهري : (
ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) يقول : غفور لهن ما أكرهن عليه .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
ابن يمان ، عن
أشعث ، عن
جعفر ، عن
سعيد بن جبير ، أنه كان يقرأ : فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم .
حدثنا
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : (
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا ) يقول : ولا تكرهوا إماءكم على الزنا ، فإن فعلتم فإن الله سبحانه لهن غفور رحيم ، وإثمهن على من أكرههن .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) . . إلى آخر الآية ، قال : كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنا ، يأخذون أجورهن ، فقال الله : لا تكرهوهن على الزنا من أجل المنالة في الدنيا ، (
ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم )
[ ص: 176 ] لهن يعني إذا أكرهن .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) على الزنا ، قال :
عبد الله بن أبي ابن سلول أمر أمة له بالزنا ، فجاءته بدينار أو ببرد " شك
أبو عاصم " فأعطته ، فقال : ارجعي فازني بآخر ، فقالت : والله ما أنا براجعة ، فالله غفور رحيم للمكرهات على الزنا ، ففي هذا أنزلت هذه الآية .
حدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، نحوه . إلا أنه قال في حديثه : أمر أمة له بالزنا ، فزنت فجاءته ببرد فأعطته ، فلم يشك .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) يقول : على الزنا (
فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) يقول : غفور لهن ، للمكرهات على الزنا .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال :
ابن زيد ، في قوله : (
ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) قال : غفور رحيم لهن حين أكرهن وقسرن على ذلك .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
مجاهد ، قال : كانوا يأمرون ولائدهم يباغين يفعلن ذلك ، فيصبن ، فيأتينهم بكسبهن ، فكانت
لعبد الله بن أبي ابن سلول جارية ، فكانت تباغي . فكرهت وحلفت أن لا تفعله ، فأكرهها أهلها ، فانطلقت فباغت ببرد أخضر ، فأتتهم به ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) . . الآية .