[ ص: 205 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ( 49 )
أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون ( 50 ) )
يقول تعالى ذكره : وإن يكن الحق لهؤلاء الذين يدعون إلى الله ورسوله ليحكم بينهم فيأبون ويعرضون عن الإجابة إلى ذلك ، قبل الذين يدعونهم إلى الله ورسوله - يأتوا إلى رسول الله مذعنين ، يقول : مذعنين منقادين لحكمه ، مقرين به طائعين غير مكرهين ، يقال منه : قد أذعن فلان بحقه إذا أقر به طائعا غير مستكره وانقاد له وسلم .
وكان
مجاهد فيما ذكر عنه يقول في ذلك ما حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، قوله : (
يأتوا إليه مذعنين ) قال : سراعا .
وقوله : (
أفي قلوبهم مرض ) يقول تعالى ذكره : أفي قلوب هؤلاء الذين يعرضون إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ، شك في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه لله رسول ، فهم يمتنعون من الإجابة إلى حكمه والرضا به (
أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله ) إذا احتكموا إلى حكم كتاب الله وحكم رسوله وقال : (
أن يحيف الله عليهم ورسوله ) والمعنى : أن يحيف رسول الله عليهم ، فبدأ بالله تعالى ذكره تعظيما لله ، كما يقال : ما شاء الله ثم شئت ، بمعنى شئت . ومما يدل على أن معنى ذلك كذلك قوله : (
وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ) فأفرد الرسول بالحكم ، ولم يقل : ليحكما .
وقوله : (
بل أولئك هم الظالمون ) يقول : ما خاف هؤلاء المعرضون عن حكم الله وحكم رسوله ، إذ أعرضوا عن الإجابة إلى ذلك مما دعوا إليه ، أن يحيف عليهم رسول الله ، فيجور في حكمه عليهم ، ولكنهم قوم أهل ظلم لأنفسهم بخلافهم أمر ربهم ، ومعصيتهم الله فيما أمرهم من الرضا بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أحبوا وكرهوا ، والتسليم له .