[ ص: 207 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين ( 54 ) )
يقول تعالى ذكره : ( قل ) يا
محمد لهؤلاء المقسمين بالله (
جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن ) ، وغيرهم من أمتك ( أطيعوا الله ) أيها القوم فيما أمركم به ، ونهاكم عنه ( وأطيعوا الرسول ) فإن طاعته لله طاعة ( فإن تولوا ) يقول : فإن تعرضوا وتدبروا عما أمركم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو نهاكم عنه ، وتأبوا أن تذعنوا لحكمه لكم وعليكم (
فإنما عليه ما حمل ) يقول : فإنما عليه فعل ما أمر بفعله من تبليغ رسالة الله إليكم على ما كلفه من التبليغ (
وعليكم ما حملتم ) يقول : وعليكم أيها الناس أن تفعلوا ما ألزمكم ، وأوجب عليكم من اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، والانتهاء إلى طاعته فيما أمركم ونهاكم .
وقلنا : إن قوله : ( فإن تولوا ) بمعنى فإن تتولوا ، فإنه في موضع جزم ; لأنه خطاب للذين أمر رسول الله بأن يقول لهم (
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) يدل على أن ذلك كذلك قوله : (
وعليكم ما حملتم ) ولو كان قوله : ( تولوا ) فعلا ماضيا على وجه الخبر عن غيب لكان في موضع قوله : (
عليه ما حمل وعليكم ما حملتم ) .
وقوله : (
وإن تطيعوه تهتدوا ) يقول تعالى ذكره : وإن تطيعوا - أيها الناس - رسول الله - فيما يأمركم وينهاكم - ترشدوا وتصيبوا الحق في أموركم (
وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) يقول : وغير واجب على من أرسله الله إلى قوم برسالة إلا أن يبلغهم رسالته بلاغا يبين لهم ذلك البلاغ عما أراد الله به .
يقول فليس على
محمد - أيها الناس - إلا أداء رسالة الله إليكم ، وعليكم الطاعة ، وإن أطعتموه لحظوظ أنفسكم تصيبون ، وإن عصيتموه بأنفسكم فتوبقون .