[ ص: 215 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم ( 59 ) )
يقول تعالى ذكره : إذا بلغ الصغار من أولادكم وأقربائكم ، ويعني بقوله : ( منكم ) من أحراركم ( الحلم ) يعني الاحتلام ، واحتلموا (
فليستأذنوا ) يقول : فلا يدخلوا عليكم فى وقت من الأوقات إلا بإذن ، لا في أوقات العورات الثلاث ولا في غيرها . وقوله : (
كما استأذن الذين من قبلهم ) يقول : كما استأذن الكبار من ولد الرجل وأقربائه الأحرار ، وخص الله تعالى ذكره في هذه الآية الأطفال بالذكر ، وتعريف حكمهم عباده في الاستئذان دون ذكر ما ملكت أيماننا ، وقد تقدمت الآية التي قبلها بتعريفهم حكم الأطفال الأحرار والمماليك ; لأن حكم ما ملكت أيمانكم في ذلك حكم واحد ، سواء فيه حكم كبارهم وصغارهم في أن الإذن عليهم في الساعات الثلاث التي ذكرها الله في الآية التي قبل .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قال : أما من بلغ الحلم فإنه لا يدخل على الرجل وأهله ، يعني من الصبيان الأحرار إلا بإذن على كل حال ، وهو قوله : (
وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم ) .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : قال
عطاء : (
وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا ) قال : واجب على الناس أجمعين أن يستأذنوا إذا احتلموا على من كان من الناس .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
يونس ، عن
ابن شهاب ، عن
ابن المسيب ، قال : يستأذن الرجل على أمه؟ قال : إنما أنزلت (
وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ) في ذلك (
كذلك يبين الله لكم آياته ) يقول : هكذا يبين الله لكم آياته ، أحكامه وشرائع دينه ، كما بين لكم أمر هؤلاء الأطفال في الاستئذان بعد البلوغ ( والله عليم حكيم ) يقول : والله عليم بما يصلح خلقه وغير ذلك من الأشياء ، حكيم في تدبيره خلقه .