[ ص: 250 ] القول في تأويل
قوله تعالى : ( فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا )
يقول تعالى ذكره مخبرا عما هو قائل للمشركين عند تبري من كانوا يعبدونه في الدنيا من دون الله منهم : قد كذبوكم أيها الكافرون من زعمتم أنهم أضلوكم ، ودعوكم إلى عبادتهم بما تقولون ، يعني بقولكم ، يقول : كذبوكم بكذبكم .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
فقد كذبوكم بما تقولون ) يقول الله للذين كانوا يعبدون
عيسى وعزيرا والملائكة ، يكذبون المشركين .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد (
فقد كذبوكم بما تقولون ) قال :
عيسى وعزير والملائكة ، يكذبون المشركين بقولهم .
وكان
ابن زيد يقول في تأويل ذلك : ما حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد في قوله (
فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ) قال : كذبوكم بما تقولون بما جاء من عند الله جاءت به الأنبياء والمؤمنون آمنوا به ، وكذب هؤلاء فوجه
ابن زيد تأويل قوله : (
فقد كذبوكم ) إلى : فقد كذبوكم أيها المؤمنون المكذبون بما جاءهم به
محمد من عند الله ، بما تقولون من الحق ، وهو أن يكون خبرا عن الذين كذبوا الكافرين في زعمهم أنهم دعوهم إلى الضلالة ، وأمروهم بها على ما قاله
مجاهد من القول الذي ذكرناه عنه أشبه وأولى ; لأنه في سياق الخبر عنهم ، والقراءة في ذلك عندنا (
فقد كذبوكم بما تقولون ) بالتاء على التأويل الذي ذكرناه ، لإجماع الحجة من قراء الأمصار عليه . وقد حكي عن بعضهم أنه قرأه ( فقد كذبوكم بما يقولون ) بالياء ، بمعنى : فقد كذبوكم بقولهم .
وقوله جل ثناؤه (
فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ) يقول : فما يستطيع هؤلاء الكفار صرف عذاب الله حين نزل بهم عن أنفسهم ، ولا نصرها من الله حين عذبها وعاقبها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال :
[ ص: 251 ] ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ( فما يستطيعون صرفا ولا نصرا ) قال : المشركون لا يستطيعونه .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد (
فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ) قال : المشركون . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : لا يستطيعون صرف العذاب عنهم ، ولا نصر أنفسهم .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله ( فما يستطيعون صرفا ولا نصرا ) قال : لا يستطيعون يصرفون عنهم العذاب الذي نزل بهم حين كذبوا ، ولا أن ينتصروا قال : وينادي مناد يوم القيامة حين يجتمع الخلائق : ما لكم لا تناصرون ، قال : من عبد من دون الله لا ينصر اليوم من عبده ، وقال العابدون من دون الله : لا ينصره اليوم إلهه الذي يعبد من دون الله ، فقال الله تبارك وتعالى : (
بل هم اليوم مستسلمون ) وقرأ قول الله جل ثناؤه (
فإن كان لكم كيد فكيدون ) .
وروي عن
ابن مسعود في ذلك ما حدثنا به
nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن يونس ، قال : ثنا
القاسم ، قال : ثنا
حجاج ، عن
هارون ، قال : هي في حرف
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ( فما يستطيعون لك صرفا ) فإن تكن هذه الرواية عنه صحيحة صح التأويل الذي تأوله
ابن زيد في قوله : (
فقد كذبوكم بما تقولون ) ويصير قوله (
فقد كذبوكم ) خبرا عن المشركين أنهم كذبوا المؤمنين ، ويكون تأويل قوله حينئذ ( فما يستطيعون لك صرفا ) فما يستطيع يا
محمد هؤلاء الكفار لك صرفا عن الحق الذي هداك الله له ، ولا نصر أنفسهم ، مما بهم من البلاء الذي هم فيه ، بتكذيبهم إياك .