القول في
تأويل قوله تعالى : ( يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا ( 22 ) )
يقول تعالى ذكره : يوم يرى هؤلاء الذين قالوا : (
لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا ) بتصديق
محمد الملائكة ، فلا بشرى لهم يومئذ بخير (
ويقولون حجرا محجورا ) يعني أن الملائكة يقولون للمجرمين حجرا محجورا ، حراما محرما عليكم اليوم البشرى أن تكون لكم من الله ; ومن الحجر قول
المتلمس :
[ ص: 255 ] حنت إلى نخلة القصوى فقلت لها حجر حرام ألا تلك الدهاريس
ومنه قولهم : حجر القاضي على فلان ، وحجر فلان على أهله ; ومنه
حجر الكعبة ، لأنه لا يدخل إليه في الطواف ، وإنما يطاف من ورائه ; ومنه قول الآخر .
فهممت أن ألقى إليها محجرا فلمثلها يلقى إليه المحجر
أي مثلها يركب منه المحرم .
واختلف أهل التأويل في المخبر عنهم بقوله : (
ويقولون حجرا محجورا ) ومن قائلوه؟ فقال بعضهم : قائلو ذلك الملائكة للمجرمين نحو الذي قلنا فيه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا
أبو أسامة ، عن
الأجلح ، قال : سمعت
الضحاك بن مزاحم ، وسأله رجل عن قول الله (
ويقولون حجرا محجورا ) قال : تقول الملائكة : حراما محرما أن تكون لكم البشرى .
حدثني
عبد الوارث بن عبد الصمد ، قال : ثني أبي ، عن جدي ، عن
الحسن ، عن
قتادة (
ويقولون حجرا محجورا ) قال : هي كلمة كانت العرب تقولها ، كان الرجل إذا نزل به شدة قال : حجرا ، يقول : حراما محرما .
[ ص: 256 ] حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا ) لما جاءت زلازل الساعة ، فكان من زلازلها أن السماء انشقت (
فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها ) على شفة كل شيء تشقق من السماء ، فذلك قوله : (
يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون ) : يعني الملائكة تقول للمجرمين حراما محرما أيها المجرمون أن تكون لكم البشرى اليوم حين رأيتمونا .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
يوم يرون الملائكة ) قال : يوم القيامة (
ويقولون حجرا محجورا ) قال : عوذا معاذا .
حدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله ، وزاد فيه : الملائكة تقوله .
وقال آخرون : ذلك خبر من الله عن قيل المشركين إذا عاينوا الملائكة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثني
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج (
يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : كانت العرب إذا كرهوا شيئا قالوا حجرا ، فقالوا حين عاينوا الملائكة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قال
مجاهد : (
حجرا ) عوذا ، يستعيذون من الملائكة .
قال
أبو جعفر : وإنما اخترنا القول الذي اخترنا في تأويل ذلك من أجل أن الحجر هو الحرام ، فمعلوم أن الملائكة هي التي تخبر أهل الكفر أن البشرى عليهم حرام . وأما الاستعاذة فإنها الاستجارة ، وليست بتحريم ، ومعلوم أن الكفار لا يقولون للملائكة حرام عليكم ، فيوجه الكلام إلى أن ذلك خبر عن قيل المجرمين للملائكة .