القول في تأويل قوله تعالى : (
وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ( 32 ) )
يقول تعالى ذكره : ( وقال الذين كفروا ) بالله (
لولا نزل عليه القرآن ) يقول : هلا نزل على
محمد صلى الله عليه وسلم القرآن (
جملة واحدة ) كما أنزلت التوراة على
موسى جملة واحدة؟ قال الله : (
كذلك لنثبت به فؤادك ) تنزيله عليك الآية بعد الآية ، والشيء بعد الشيء ، لنثبت به فؤادك نزلناه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : (
وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ) قال : كان الله ينزل عليه الآية ، فإذا علمها نبي الله نزلت آية أخرى ليعلمه الكتاب عن ظهر قلب ، ويثبت به فؤاده .
[ ص: 266 ] حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قوله : (
وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) كما أنزلت التوراة على
موسى ، قال : (
كذلك لنثبت به فؤادك ) قال : كان القرآن ينزل عليه جوابا لقولهم : ليعلم
محمد أن الله يجيب القوم بما يقولون بالحق ، ويعني بقوله : (
لنثبت به فؤادك ) لنصحح به عزيمة قلبك ويقين نفسك ، ونشجعك به .
وقوله (
ورتلناه ترتيلا ) يقول : وشيئا بعد شيء علمناكه حتى تحفظنه ، والترتيل في القراءة : الترسل والتثبت .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا
هشيم ، قال : أخبرنا
مغيرة ، عن إبراهيم ، في قوله : (
ورتلناه ترتيلا ) قال : نزل متفرقا .
حدثنا
الحسن ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
الحسن ، في قوله : (
ورتلناه ترتيلا ) قال : كان ينزل آية وآيتين وآيات جوابا لهم إذا سألوا عن شيء أنزله الله جوابا لهم ، وردا عن النبي فيما يتكلمون به . وكان بين أوله وآخره نحو من عشرين سنة .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قوله : (
ورتلناه ترتيلا ) قال : كان بين ما أنزل القرآن إلى آخره أنزل عليه لأربعين ، ومات النبي صلى الله عليه وسلم لثنتين أو لثلاث وستين .
وقال آخرون : معنى الترتيل : التبيين والتفسير .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
ورتلناه ترتيلا ) قال : فسرناه تفسيرا ، وقرأ : (
ورتل القرآن ترتيلا ) .