[ ص: 507 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم )
قال
أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : ( وقالوا ) ، وقالت
اليهود والنصارى : ( لن يدخل الجنة ) .
فإن قال قائل : وكيف جمع
اليهود والنصارى في هذا الخبر مع اختلاف مقالة الفريقين ;
واليهود تدفع
النصارى عن أن يكون لها في ثواب الله نصيب ،
والنصارى تدفع
اليهود عن مثل ذلك؟
قيل : إن معنى ذلك بخلاف الذي ذهبت إليه . وإنما عنى به : وقالت
اليهود : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا ، وقالت
النصارى : لن يدخل الجنة إلا
النصارى . ولكن معنى الكلام لما كان مفهوما عند المخاطبين به معناه ، جمع الفريقان في الخبر عنهما ، فقيل : (
وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) الآية - أي قالت
اليهود : لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا ، وقالت
النصارى : لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا .
وأما قوله : ( من كان هودا ) ، فإن في"الهود" قولين : أحدهما أن يكون جمع "هائد" ، كما جاء "عوط" جمع "عائط" ، و "عوذ" جمع "عائذ" ، و "حول" جمع "حائل" ، فيكون جمعا للمذكر والمؤنث بلفظ واحد ، و"الهائد" التائب الراجع إلى الحق .
والآخر أن يكون مصدرا عن الجميع ، كما يقال : "رجل صوم وقوم
[ ص: 508 ] صوم" ، و "رجل فطر وقوم فطر ، ونسوة فطر" .
وقد قيل : إن قوله : ( إلا من كان هودا ) ، إنما هو قوله ، إلا من كان يهودا ، ولكنه حذف الياء الزائدة ، ورجع إلى الفعل من
اليهودية . وقيل : إنه في قراءة أبي : "إلا من كان يهوديا أو نصرانيا" .
وقد بينا فيما مضى معنى "
النصارى " ، ولم سميت بذلك ، وجمعت كذلك ، بما أغنى عن إعادته .
وأما قوله : ( تلك أمانيهم ) ، فإنه خبر من الله تعالى ذكره عن قول الذين قالوا : (
لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) ، أنه أماني منهم يتمنونها على الله بغير حق ولا حجة ولا برهان ، ولا يقين علم بصحة ما يدعون ، ولكن بادعاء الأباطيل وأماني النفوس الكاذبة ، كما : -
1802 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : ( تلك أمانيهم ) ، أماني يتمنونها على الله كاذبة .
1803 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع : ( تلك أمانيهم ) ، قال : أماني تمنوا على الله بغير الحق .