[ ص: 288 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا ( 60 ) )
يقول تعالى ذكره : وإذا قيل لهؤلاء الذين يعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم : (
اسجدوا للرحمن ) أي اجعلوا سجودكم لله خالصا دون الآلهة والأوثان . قالوا : (
أنسجد لما تأمرنا ) .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء
المدينة والبصرة : ( لما تأمرنا ) بمعنى : أنسجد نحن يا
محمد لما تأمرنا أنت أن نسجد له . وقرأته عامة قراء
الكوفة " لما يأمرنا " بالياء ، بمعنى : أنسجد لما يأمر الرحمن ، وذكر بعضهم أن
مسيلمة كان يدعى الرحمن ، فلما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم اسجدوا للرحمن ، قالوا : أنسجد لما يأمرنا رحمن اليمامة؟ يعنون
مسيلمة بالسجود له .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك ، أنهما قراءتان مستفيضتان مشهورتان ، قد قرأ بكل واحد منهما علماء من القراء ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
وقوله : (
وزادهم نفورا ) يقول : وزاد هؤلاء المشركين قول القائل لهم : اسجدوا للرحمن من
إخلاص السجود لله ، وإفراد الله بالعبادة بعدا مما دعوا إليه من ذلك فرارا .