القول في تأويل قوله تعالى : (
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ( 63 ) )
يقول تعالى ذكره : (
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) بالحلم والسكينة والوقار غير مستكبرين ، ولا متجبرين ، ولا ساعين فيها بالفساد ومعاصي الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، غير أنهم اختلفوا ، فقال بعضهم : عنى بقوله : (
يمشون على الأرض هونا ) أنهم يمشون عليها بالسكينة والوقار .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
الذين يمشون على الأرض هونا ) قال : بالوقار والسكينة .
قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
محمد بن أبي الوضاح ، عن
عبد الكريم ، عن
مجاهد : (
يمشون على الأرض هونا ) قال : بالحلم والوقار .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ; قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
يمشون على الأرض هونا ) قال : بالوقار والسكينة .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
الحسن ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، عن
الثوري ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
يمشون على الأرض هونا ) بالوقار والسكينة .
حدثني
يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : ثنا
شريك ، عن
سالم ، عن
سعيد وعبد الرحمن (
الذين يمشون على الأرض هونا ) قالا بالسكينة والوقار .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
ابن يمان ، عن
شريك ، عن
جابر ، عن
عمار ، عن
[ ص: 294 ] عكرمة ، في قوله : (
يمشون على الأرض هونا ) قال : بالوقار والسكينة .
قال : ثنا
ابن يمان ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
حكام ، عن
أيوب ، عن
عمرو الملائي (
يمشون على الأرض هونا ) قال : بالوقار والسكينة .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنهم يمشون عليها بالطاعة والتواضع .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : (
الذين يمشون على الأرض هونا ) بالطاعة والعفاف والتواضع .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) قال :
يمشون على الأرض بالطاعة .
حدثني
أحمد بن عبد الرحمن ، قال : ثني عمي
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، قال : كتب إلي
إبراهيم بن سويد ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم يقول : التمست تفسير هذه الآية (
الذين يمشون على الأرض هونا ) فلم أجدها عند أحد ، فأتيت في النوم فقيل لي : هم الذين لا يريدون يفسدون في الأرض .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
ابن يمان ، عن
أسامة بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : لا يفسدون في الأرض .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) قال : لا يتكبرون على الناس ، ولا يتجبرون ، ولا يفسدون . وقرأ قول الله (
تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين )
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنهم يمشون عليها بالحلم لا يجهلون على من جهل عليهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
ابن يمان ، عن
أبي الأشهب ، عن
الحسن في (
يمشون على الأرض هونا ) قال : حلماء ، وإن جهل عليهم لم يجهلوا .
[ ص: 295 ] حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : ثنا
الحسين ، عن
يزيد ، عن
عكرمة (
يمشون على الأرض هونا ) قال : حلماء .
حدثنا
الحسن ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
الحسن ، في قوله : (
يمشون على الأرض هونا ) قال : علماء حلماء لا يجهلون .
وقوله : (
وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) يقول : وإذا خاطبهم الجاهلون بالله بما يكرهونه من القول ، أجابوهم بالمعروف من القول ، والسداد من الخطاب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
أبو الأشهب ، عن
الحسن (
وإذا خاطبهم ) . . الآية ، قال : حلماء ، وإن جهل عليهم لم يجهلوا .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
ابن المبارك ، عن
معمر ، عن
يحيى بن المختار ، عن
الحسن ، في قوله (
وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) قال : إن المؤمنين قوم ذلل ، ذلت منهم والله الأسماع والأبصار والجوارح ، حتى يحسبهم الجاهل مرضى ، وإنهم لأصحاء القلوب ، ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم ، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة ، فقالوا : (
الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) والله ما حزنهم حزن الدنيا ، ولا تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة ، أبكاهم الخوف من النار ، وإنه من لم يتعز بعزاء الله تقطع نفسه على الدنيا حسرات ، ومن لم ير لله عليه نعمة إلا في مطعم ومشرب ، فقد قل علمه وحضر عذابه .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) قال : سدادا .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
محمد بن أبي الوضاح ، عن
عبد الكريم ، عن
مجاهد (
وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) قال : سدادا من القول .
حدثنا
الحسن ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، عن
الثوري ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد [ ص: 296 ] (
وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) حلماء .
قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
يحيى بن يمان ، عن
أبي الأشهب ، عن
الحسن ، قال : حلماء لا يجهلون ، وإن جهل عليهم حلموا ولم يسفهوا ، هذا نهارهم فكيف ليلهم - خير ليل - صفوا أقدامهم ، وأجروا دموعهم على خدودهم يطلبون إلى الله جل ثناؤه في فكاك رقابهم .
قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
هشيم ، قال : أخبرنا
عبادة ، عن
الحسن ، قال : حلماء لا يجهلون وإن جهل عليهم حلموا .