[ ص: 326 ] [ ص: 327 ] [ ص: 328 ] [ ص: 329 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى : ( طسم ( 1 )
تلك آيات الكتاب المبين ( 2 )
لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ( 3 ) )
قال
أبو جعفر : وقد ذكرنا اختلاف المختلفين فيما في ابتداء فواتح سور القرآن من حروف الهجاء ، وما انتزع به كل قائل منهم لقوله ومذهبه من العلة . وقد بينا الذي هو أولى بالصواب من القول فيه فيما مضى من كتابنا هذا بما أغنى عن إعادته ، وقد ذكر عنهم من الاختلاف في قوله : طسم وطس ، نظير الذي ذكر عنهم في : ( الم ) و ( المر ) و ( المص ) .
وقد حدثني
علي بن داود ، قال : ثنا
عبد الله بن صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، في قوله : ( طسم ) قال : فإنه قسم أقسمه الله ، وهو من أسماء الله .
حدثنا
الحسن ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : ( طسم ) قال : اسم من أسماء القرآن .
فتأويل الكلام على قول
ابن عباس والجميع : إن هذه الآيات التي أنزلتها على
محمد صلى الله عليه وسلم في هذه السورة لآيات الكتاب الذي أنزلته إليه من قبلها الذي بين لمن تدبره بفهم ، وفكر فيه بعقل ، أنه من عند الله جل جلاله ، لم يتخرصه
محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يتقوله من عنده ، بل أوحاه إليه ربه .
وقوله : (
لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) يقول تعالى ذكره : لعلك يا
محمد قاتل نفسك ومهلكها إن لم يؤمن قومك بك ، ويصدقوك على ما جئتهم به والبخع : هو القتل والإهلاك في كلام العرب ; ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة :
ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه لشيء نحته عن يديه المقادر
[ ص: 330 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : قال
ابن عباس : (
باخع نفسك ) : قاتل نفسك .
حدثنا
الحسن ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : (
لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) قال : لعلك من الحرص على إيمانهم مخرج نفسك من جسدك ، قال : ذلك البخع .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
لعلك باخع نفسك ) عليهم حرصا .
وأن من قوله : (
ألا يكونوا مؤمنين ) في موضع نصب بباخع ، كما يقال : زرت
عبد الله أن زارني ، وهو جزاء ; ولو كان الفعل الذي بعد أن مستقبلا لكان وجه الكلام في " أن " الكسر ، كما يقال ; أزور
عبد الله إن يزورني .