القول في
تأويل قوله تعالى : ( إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين ( 8 )
وإن ربك لهو العزيز الرحيم ( 9 ) )
يقول تعالى ذكره : إن في إنباتنا في الأرض من كل زوج كريم لآية . يقول : لدلالة لهؤلاء المشركين المكذبين بالبعث ، على حقيقته ، وأن القدرة التي بها أنبت الله في الأرض ذلك النبات بعد جدوبتها ، لن يعجزه أن ينشر بها الأموات بعد مماتهم ، أحياء من قبورهم .
وقوله : (
وما كان أكثرهم مؤمنين ) يقول : وما كان أكثر هؤلاء المكذبين بالبعث ، الجاحدين نبوتك يا
محمد ، بمصدقيك على ما تأتيهم به من عند الله من الذكر .
يقول جل ثناؤه : وقد سبق في علمي أنهم لا يؤمنون ، فلا يؤمن بك أكثرهم للسابق من علمي فيهم . وقوله : (
وإن ربك لهو العزيز الرحيم ) يقول : وإن ربك يا
محمد لهو العزيز في نقمته ، لا يمتنع عليه أحد أراد الانتقام منه . يقول تعالى ذكره : وإني إن أحللت بهؤلاء المكذبين بك يا
محمد ، المعرضين عما يأتيهم من ذكر من عندي ، عقوبتي بتكذيبهم إياك ، فلن يمنعهم مني مانع ، لأني أنا العزيز الرحيم ، يعني أنه ذو الرحمة بمن تاب من خلقه من كفره ومعصيته ، أن يعاقبه على ما سلف من جرمه بعد توبته .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج يقول في معنى ذلك ، ما حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
الحجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : كل شيء في الشعراء من قوله ( العزيز الرحيم ) فهو ما أهلك ممن مضى من الأمم ، يقول : عزيز حين انتقم من أعدائه ، رحيم بالمؤمنين حين أنجاهم مما أهلك به أعداءه .
[ ص: 337 ]
قال
أبو جعفر : وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في ذلك في هذا الموضع ، لأن قوله : (
وإن ربك لهو العزيز الرحيم ) عقيب وعيد الله قوما من أهل الشرك والتكذيب بالبعث ، لم يكونوا أهلكوا ، فيوجه إلى أنه خبر من الله عن فعله بهم وإهلاكه . ولعل
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج بقوله هذا أراد ما كان من ذلك عقيب خبر الله عن إهلاكه من أهلك من الأمم ، وذلك إن شاء الله إذا كان عقيب خبرهم كذلك .