القول في
تأويل قوله تعالى : ( قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ( 20 )
ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين ( 21 ) )
يقول تعالى ذكره : قال
موسى لفرعون : فعلت تلك الفعلة التي فعلت ، أي قتلت تلك النفس التي قتلت إذن وأنا من الضالين . يقول : وأنا من الجاهلين قبل أن يأتيني من الله وحي بتحريم قتله علي . والعرب تضع من الضلال موضع الجهل ، والجهل موضع
[ ص: 341 ] الضلال ، فتقول : قد جهل فلان الطريق وضل الطريق ، بمعنى واحد .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
وأنا من الضالين ) قال : من الجاهلين .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وفي قراءة
ابن مسعود : " وأنا من الجاهلين " .
قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
أبو سفيان ، عن
معمر ، عن
قتادة : (
وأنا من الضالين ) قال : من الجاهلين .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
وأنت من الكافرين ) فقال
موسى : لم أكفر ، ولكن فعلتها وأنا من الضالين . وفي حرف
ابن مسعود : " فعلتها إذا وأنا من الجاهلين " .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد في قوله : (
قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ) قبل أن يأتيني من الله شيء كان قتلي إياه ضلالة خطأ . قال : والضلالة ههنا الخطأ ، لم يقل ضلاله فيما بينه وبين الله .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : (
قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ) يقول : وأنا من الجاهلين .
وقوله (
ففررت منكم لما خفتكم ) . . . الآية ، يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل
موسى لفرعون : (
ففررت منكم ) معشر الملأ من قوم
فرعون (
لما خفتكم ) أن تقتلوني بقتلي القتيل منكم . (
فوهب لي ربي حكما ) يقول : فوهب لي ربي نبوة وهي الحكم .
كما حدثنا
موسى بن هارون ، قال : ثنا
عمرو ، قال : ثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
فوهب لي ربي حكما ) والحكم : النبوة .
وقوله : (
وجعلني من المرسلين ) يقول : وألحقني بعداد من أرسله إلى خلقه ، مبلغا عنه رسالته إليهم بإرساله إياي إليك يا
فرعون .
[ ص: 342 ]