القول في
تأويل قوله تعالى : ( قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم ( 34 )
يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون ( 35 )
قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين ( 36 )
يأتوك بكل سحار عليم ( 37 ) )
يقول تعالى ذكره : قال
فرعون لما أراه
موسى من عظيم قدرة الله وسلطانه حجة عليه
لموسى بحقيقة ما دعاه إليه ، وصدق ما أتاه به من عند ربه (
للملإ حوله ) يعني لأشراف قومه الذين كانوا حوله . (
إن هذا لساحر عليم ) يقول : إن
موسى سحر عصاه حتى أراكموها ثعبانا ( عليم ) ، يقول : ذو علم بالسحر وبصر به . (
يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره ) يقول : يريد أن يخرج
بني إسرائيل من أرضكم إلى الشأم بقهره إياكم بالسحر . وإنما قال : يريد أن يخرجكم فجعل الخطاب للملإ حوله من
القبط ، والمعني به
بنو إسرائيل ، لأن
القبط كانوا قد استعبدوا
بني إسرائيل ، واتخذوهم خدما لأنفسهم ومهانا ، فلذلك قال لهم : (
يريد أن يخرجكم ) وهو يريد : أن يخرج خدمكم وعبيدكم من أرض
مصر إلى
الشأم .
وإنما قلت معنى ذلك كذلك ، لأن الله إنما أرسل
موسى إلى
فرعون يأمره بإرسال
بني إسرائيل معه ، فقال له ولأخيه (
فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل ) .
وقوله : (
فماذا تأمرون ) يقول : فأي شيء تأمرون في أمر
موسى وما به تشيرون من الرأي فيه ؟ (
قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين ) يقول تعالى ذكره : فأجاب
فرعون الملأ حوله بأن قالوا له : أخر
موسى وأخاه وأنظره ، وابعث في بلادك وأمصار
مصر حاشرين يحشرون إليك كل سحار عليم بالسحر .