القول في
تأويل قوله تعالى : ( قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون ( 75 )
أنتم وآباؤكم الأقدمون ( 76 )
فإنهم عدو لي إلا رب العالمين ( 77 ) )
يقول تعالى ذكره : قال
إبراهيم لقومه : أفرأيتم أيها القوم ما كنتم تعبدون من هذه
[ ص: 363 ] الأصنام أنتم وآباؤكم الأقدمون ، يعني بالأقدمين : الأقدمين من الذين كان إبراهيم يخاطبهم ، وهم الأولون قبلهم ممن كان على مثل ما كان عليه الذين كلمهم
إبراهيم من عبادة الأصنام (
فإنهم عدو لي إلا رب العالمين ) . يقول قائل : وكيف يوصف الخشب والحديد والنحاس بعداوة ابن آدم ؟ فإن معنى ذلك : فإنهم عدو لي لو عبدتهم يوم القيامة ، كما قال جل ثناؤه (
واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ) .
وقوله : (
إلا رب العالمين ) نصبا على الاستثناء ، والعدو بمعنى الجمع ، ووحد لأنه أخرج مخرج المصدر ، مثل القعود والجلوس .
ومعنى الكلام : أفرأيتم كل معبود لكم ولآبائكم ، فإني منه بريء لا أعبده ، إلا رب العالمين .