القول في
تأويل قوله تعالى : ( رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين ( 83 )
واجعل لي لسان صدق في الآخرين ( 84 ) )
يقول تعالى ذكره مخبرا عن مسألة خليله
إبراهيم إياه (
رب هب لي حكما ) يقول : رب هب لي نبوة . (
وألحقني بالصالحين ) يقول : واجعلني رسولا إلى خلقك ، حتى تلحقني بذلك بعداد من أرسلته من رسلك إلى خلقك ، وائتمنته على وحيك ، واصطفيته لنفسك . وقوله : (
واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) يقول : واجعل لي في الناس ذكرا جميلا وثناء حسنا ، باقيا فيمن يجيء من القرون بعدي .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
أبي بكر ، عن
عكرمة ، قوله : (
واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) قوله (
وآتيناه أجره في الدنيا ) . قال : إن الله فضله بالخلة حين اتخذه خليلا فسأل الله فقال : (
واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) حتى لا تكذبني الأمم ، فأعطاه الله ذلك ، فإن
اليهود آمنت
بموسى ،
[ ص: 365 ] وكفرت
بعيسى ، وإن
النصارى آمنت
بعيسى ، وكفرت
بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وكلهم يتولى
إبراهيم ; قالت
اليهود : هو خليل الله وهو منا ، فقطع الله ولايتهم منه بعد ما أقروا له بالنبوة وآمنوا به ، فقال : (
ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ) ثم ألحق ولايته بكم فقال : (
إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) فهذا أجره الذي عجل له ، وهي الحسنة ، إذ يقول : (
وآتيناه في الدنيا حسنة ) وهو اللسان الصدق الذي سأل ربه .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) قال : اللسان الصدق : الذكر الصدق ، والثناء الصالح ، والذكر الصالح في الآخرين من الناس ، من الأمم .