القول في
تأويل قوله تعالى : ( ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين ( 154 )
قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ( 155 )
ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم ( 156 ) )
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل
ثمود لنبيها
صالح : ( ما أنت يا صالح إلا بشر مثلنا ) من بني آدم ، تأكل ما نأكل ، وتشرب ما نشرب ، ولست برب ولا ملك ، فعلام نتبعك ؟ فإن كنت صادقا في قيلك ، وأن الله أرسلك إلينا ( فأت بآية ) يعني : بدلالة وحجة على أنك محق فيما تقول ، إن كنت ممن صدقنا في دعواه أن الله أرسله إلينا .
وقد حدثنا
أحمد بن عمرو البصري ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16710عمرو بن عاصم الكلابي ، قال : ثنا
داود بن أبي الفرات ، قال : ثنا
علباء بن أحمر ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس : أن
صالحا النبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله إلى قومه ، فآمنوا به واتبعوه ، فمات
صالح ، فرجعوا عن الإسلام ، فأتاهم
صالح ، فقال لهم : أنا
صالح ، قالوا : إن كنت صادقا فأتنا بآية ، فأتاهم بالناقة ، فكذبوه وعقروها ، فعذبهم الله .
وقوله : (
قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ) يقول تعالى ذكره : قال
صالح لثمود لما سألوه آية يعلمون بها صدقه ، فأتاهم بناقة أخرجها من صخرة أو هضبة : هذه ناقة يا قوم ، لها شرب ولكم مثله شرب يوم آخر معلوم ، ما لكم من الشرب ، ليس لكم في يوم وردها أن تشربوا من شربها شيئا ، ولا لها أن تشرب في يومكم مما لكم شيئا . ويعني بالشرب : الحظ والنصيب من الماء ، يقول : لها حظ من الماء ، ولكم مثله ، والشرب والشرب والشرب مصادر كلها بالضم والفتح والكسر .
وقد حكي عن العرب سماعا : آخرها أقلها شربا وشربا .
[ ص: 387 ]
وقوله : (
ولا تمسوها بسوء ) يقول : لا تمسوها بما يؤذيها من عقر وقتل ونحو ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، في قوله : (
ولا تمسوها بسوء ) لا تعقروها . وقوله : (
فيأخذكم عذاب يوم عظيم ) يقول : فيحل بكم من الله عذاب يوم عظيم عذابه .