القول في تأويل قوله تعالى : (
قال ربي أعلم بما تعملون ( 188 )
فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم ( 189 ) )
يقول تعالى ذكره : قال
شعيب لقومه : (
ربي أعلم بما تعملون ) يقول : بأعمالهم هو بها محيط ، لا يخفى عليه منها شيء ، وهو مجازيكم بها جزاءكم . ( فكذبوه ) يقول : فكذبه قومه . (
فأخذهم عذاب يوم الظلة ) يعني بالظلة : سحابة ظللتهم ، فلما تتاموا تحتها التهبت عليهم نارا ، وأحرقتهم ، وبذلك جاءت الآثار .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
زيد بن معاوية ، في قوله : (
فأخذهم عذاب يوم الظلة ) قال : أصابهم حر أقلقهم في بيوتهم ، فنشأت لهم سحابة كهيئة الظلة ، فابتدروها ، فلما تتاموا تحتها أخذتهم الرجفة .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
يعقوب ، عن
جعفر ، في قوله : (
عذاب يوم الظلة ) قال : كانوا يحفرون الأسراب ليتبردوا فيها ، فإذا دخلوها وجدوها أشد حرا من الظاهر ، وكانت الظلة سحابة .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : ثني
جرير بن حازم أنه سمع
قتادة يقول : بعث
شعيب إلى أمتين : إلى قومه أهل
مدين ، وإلى
أصحاب الأيكة . وكانت الأيكة من شجر ملتف ; فلما أراد الله أن يعذبهم ، بعث الله عليهم حرا شديدا ، ورفع لهم العذاب كأنه سحابة ; فلما دنت منهم خرجوا إليها رجاء بردها ، فلما كانوا تحتها مطرت عليهم نارا . قال : فذلك قوله : (
فأخذهم عذاب يوم الظلة ) .
[ ص: 394 ]
حدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثني
سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد ، قال : ثنا
حاتم بن أبي صغيرة ، قال : ثني
يزيد الباهلي ، قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس ، عن هذه الآية : (
فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم ) فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس : بعث الله عليهم ومدة وحرا شديدا ، فأخذ بأنفاسهم ، فدخلوا البيوت ، فدخل عليهم أجواف البيوت ، فأخذ بأنفاسهم ، فخرجوا من البيوت هرابا إلى البرية ، فبعث الله عليهم سحابة ، فأظلتهم من الشمس ، فوجدوا لها بردا ولذة ، فنادى بعضهم بعضا ، حتى إذا اجتمعوا تحتها ، أرسلها الله عليهم نارا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس : فذلك عذاب يوم الظلة ، (
إنه كان عذاب يوم عظيم ) .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : "
يوم الظلة " قال : إظلال العذاب إياهم .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد : (
عذاب يوم الظلة ) قال : أظل العذاب قوم
شعيب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : لما أنزل الله عليهم أول العذاب ، أخذهم منه حر شديد ، فرفع الله لهم غمامة ، فخرج إليها طائفة منهم ليستظلوا بها ، فأصابهم منها روح وبرد وريح طيبة ، فصب الله عليهم من فوقهم من تلك الغمامة عذابا ، فذلك قوله : (
عذاب يوم الظلة ) .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
أبو سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر بن راشد ، قال : ثني رجل من أصحابنا ، عن بعض العلماء قال : كانوا عطلوا حدا ، فوسع الله عليهم في الرزق ، ثم عطلوا حدا ، فوسع الله عليهم في الرزق ، ثم عطلوا حدا ، فوسع الله عليهم في الرزق ، فجعلوا كلما عطلوا حدا وسع الله عليهم في الرزق ، حتى إذا أراد إهلاكهم سلط الله عليهم حرا لا يستطيعون أن يتقاروا ، ولا ينفعهم ظل ولا ماء ، حتى ذهب ذاهب منهم ، فاستظل تحت ظلة ، فوجد روحا ، فنادى أصحابه : هلموا إلى الروح ، فذهبوا إليه سراعا ، حتى إذا اجتمعوا ألهبها الله عليهم نارا ، فذلك عذاب يوم الظلة .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
أبو تميلة ، عن
أبي حمزة ، عن
جابر ، عن
ابن عباس ، قال : من حدثك من العلماء ما عذاب يوم الظلة فكذبه .
[ ص: 395 ]
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
فأخذهم عذاب يوم الظلة ) قوم
شعيب ، حبس الله عنهم الظل والريح ، فأصابهم حر شديد ، ثم بعث الله لهم سحابة فيها العذاب ، فلما رأوا السحابة انطلقوا يؤمونها ، زعموا يستظلون ، فاضطرمت عليهم نارا فأهلكتهم .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم ) قال : بعث الله إليهم ظلة من سحاب ، وبعث إلى الشمس فأحرقت ما على وجه الأرض ، فخرجوا كلهم إلى تلك الظلة ، حتى إذا اجتمعوا كلهم ، كشف الله عنهم الظلة ، وأحمى عليهم الشمس ، فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى . وقوله : (
إنه كان عذاب يوم عظيم ) يقول تعالى ذكره : إن عذاب يوم الظلة كان عذاب يوم لقوم
شعيب عظيم .